لم يكن الجهم من أهل الرواية للحديث، مع أن العصر الذي عاش فيه كان العلماء فيه متوافرين على تحمل الحديث وآثار الصحابة ومروياتهم، أي: أن العلم كان في قمة الانتشار والازدهار، لكنه ما طلب العلم يوماً ما، وما جلس العلماء السنة يوماً من حياته، وقد أعرض الجهم عن ذلك، وآثر علم الكلام والفلسفة على علم الحديث والسنة، ودائماً ننصح أبناءنا وتلاميذنا ألا يدخلوا أبداً كلية التجارة والتربية قسم الفلسفة والمنطق، أو علم الكلام أو غير ذلك، كما ننصحهم كذلك ألا يدخلوا قسم العقيدة، سواء في جامعة الأزهر أو في غيرها من الجامعات، أو الكليات المتخصصة كالآداب، بل ودار العلوم كذلك؛ لأنهم يعتقدون أن عقيدة الأشاعرة والماتريدية هي عقيدة أهل السنة والجماعة، مع أن الأشاعرة ليسوا من أهل السنة، ولا الماتريدية، فأهل السنة لهم خصائص وعلامات ومميزات يتميزون بها عن غيرهم، وقد دخلنا الأزهر ودرسنا عقيدة الأشاعرة فيه، ونافحنا عن عقيدة أهل السنة، وبيتنا أن هذه العقيدة الأشعرية ليست عقيدة أهل السنة والجماعة، والتي يدرسونها للطلاب على اعتبار أنها عقيدة أهل السنة والجماعة ما هي إلا خليط من عقيدة الأشاعرة والماتريدية، وهذا خلط للحقائق.
قال الذهبي: الجهم بن صفوان الضال المبتدع رأس الجهمية، هلك في زمان صغار التابعين، وما علمته روى شيئاً، لكنه زرع شراً عظيماً.
أي: زرع في الأمة شراً عظيماً.
وقال عبد العزيز بن أبي سلمة: إن كلام جهم صفة بلا معنى، وبناء بلا أساس، ولم يعد قط من أهل العلم.
ومما يدل على جهله بأحكام الشريعة ما روي أن جهماً سئل عن رجل طلق قبل أن يبني بها، فقال: عليها العدة، فخالف كتاب الله تعالى بجهله، قال الله سبحانه:{فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا}[الأحزاب:٤٩].