قال: [وأما الإيمان بما فرضه الله عز وجل من العمل على الجوارح؛ تصديقاً بما أيقن به القلب ونطق به اللسان، وذلك في كتاب الله تعالى كثير جداً، قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمُ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[الحج:٧٧]]، فرتب الله تعالى الفلاح على العمل، ولكنه خاطب المؤمنين أولاً:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}، ما المطلوب منا؟ {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمُ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ}[الحج:٧٧]، أربعة أوامر تدل على أن الإيمان عمل بالجوارح.
فقوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}[الحج:٧٧]، نداء لأهل الإيمان بما كلفهم الله عز وجل به، وبما لا يصح إيمانهم إلا به، ما هو ذاك؟ قال:{ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمُ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[الحج:٧٧]، فرتب الفلاح المتعلق بالإيمان على العمل، وضرب لذلك أمثلة بالركوع والسجود وسائر العبادة، مع أن الركوع والسجود من العبادة، فبعد أن ذكر الخاص ذكر العام، مع أن الخاص أحد أفراده.
ثم قال:{وَافْعَلُوا الْخَيْرَ}[الحج:٧٧]، أي: وافعلوا الخير بنية العبادة والطاعة، وهو كذلك ذكر للخاص بعد ذكر العام؛ ليدل على أهميته.
[وقال الله تعالى:{وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}[البقرة:٤٣]]، وهذا في أكثر من سبعين موطناً في كتاب الله عز وجل يأمر الله تعالى بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة.
في مواضع كثيرة من القرآن أمر الله تعالى بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام شهر رمضان والجهاد في سبيله، وإنفاق الأموال وبذل الأنفس في ذلك، والحج بحركة الأبدان ونفقة الأموال؛ فهذا كله من الإيمان، والعمل به فرض لا يكون المؤمن مؤمناً إلا بتأديته.