وقال الإمام شهاب الدين القرافي المالكي: الكفر قسمان: متفق عليه، ومختلف فيه، فالمتفق عليه نحو الشرك بالله، وجحد ما علم من الدين بالضرورة، كجحد وجوب الصلاة والصوم ونحوهما، والكفر الفعلي: نحو إلقاء المصحف في القاذورات، وجحد البعث أو النبوات، أو وصفه تعالى بكونه لا يعلم ولا يريد أو ليس بحي ونحو ذلك، فهذا الكفر المتفق عليه صوره على نوعين: منه ما هو متفق عليه، ومنه ما هو مختلف فيه.
قال: وأما المتفق عليه فمنه ما هو اعتقادي، ومنه ما هو عملي يكفر، ونحن قبل هذا قد قلنا في الدرس الماضي: من الأخطاء الشنيعة الشائعة بين الناس تقسيم الكفر إلى نوعين: اعتقادي وعملي، أما الاعتقادي فلا يخرج المرء من الملة إلا به، وأما العملي فكله ليس مخرجاً من الملة، وهذا خطأ عظيم جداً في الاعتقاد؛ لأن الكفر الاعتقادي كله مخرج من الملة مع انتفاء الموانع وتحقق الشروط.
والكفر العملي منه ما هو مخرج من الملة، ومنه ما ليس بمخرج من الملة.
قال هنا: الكفر قسمان: متفق عليه اعتقادي وعملي، وذكر أمثلة للعملي، فقال: إنكار النبوات، وإنكار البعث، أو إلقاء المصحف في القاذورات، ووصفه تعالى بأنه لا يعلم ولا يريد، وغير ذلك من إنكار صفات الله تعالى.
أما المختلف فيه فقد توقف عند هذا الحد في أنواع الفروق كأنه باب طويل.
قال: وأصل الكفر إنما هو انتهاك خاص لحرمة الربوبية، إما بالجهل بوجود الصانع، أو صفاته العلى، ويكون الكفر بفعل كرمي المصحف في القاذورات، أي: يقع الكفر بمجرد الفعل أو بالفعل المجرد، مثل: إلقاء المصحف في القاذورات، أو السجود لصنم، أو التردد للكنائس في أعيادهم بزي النصارى ومباشرة أحوالهم.
قال: الردة عبارة عن قطع الإسلام من مكلف -وفي غير البالغ خلاف- إما باللفظ، أي: الردة إما أن تكون باللفظ أو بالفعل كإلقاء المصحف في القاذورات، ولكليهما مراتب في الظهور والخفاء.