قال:[وعن مطرف بن عبد الله بن الشخير قال: نظرت في بدء الأمر ممن هو -يعني: في أصل الخليقة بخيرها وشرها ممن هو- فإذا هو من الله، ونظرت على من تمامه؛ فإذا تمامه على الله، ونظرت ما ملاكه؛ فإذا ملاكه الدعاء].
يعني: إذا كان ابتداء الأمر وانتهاؤه من الله عز وجل بخيره وشره؛ فنحن لا نملك إلا الدعاء أن يصرف الله عنا البلاء والشر، وأن يرزقنا الخير.
[عن مطرف قال: ليس لأحد أن يصعد فوق بيت فيلقي نفسه، ثم يقول: قدر لي]؛ لأن هذا من باب الاحتجاج بالقدر على المعصية.
[ولكنا نتقي ونحذر، فإن أصابنا شيء؛ علمنا أنه لن يصيبنا إلا ما كتب لنا]، وهذا كلام جميل وقوي.
[وعنه قال: لو كان الخير في كف أحدنا ما استطاع أن يفرغه في قلبه، حتى يكون الله هو الذي يفرغه في قلبه.
وعنه قال: إن الله عز وجل لم يكل الناس إلى القدر وإليه يصيرون]، لذلك كان النبي عليه الصلاة والسلام دائماً يقول لأصحابه الذين يسألونه:(يا رسول الله، أترى ما نحن عاملون ألشيء مضى وانتهى، أم لشيء أنف؟ قال: بل لأمر قد فرغ منه، جف به القلم، وطويت به الصحف، قالوا: يا رسول الله، فلم العمل إذاً؟ فقال: اعملوا فكل ميسر لما خلق له).
فقوله:(إن الله عز وجل لم يكل الناس إلى القدر، وإليه يصيرون) أي: يصيرون إلى ما قدر وكتب في اللوح المحفوظ، وهم عاملون بعلم الله السابق الجلي.