للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله تعالى: (والله ربنا ما كنا مشركين) وقوله: (ولا يكتمون الله حديثاً)

المسألة السابعة: قال تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} [الأنعام:٢٢]، إلى قوله تعالى: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام:٢٣]، أي: أنهم أنكروا عند الله عز وجل أنهم اتخذوا شركاء وأنداداً له سبحانه وتعالى.

وقال في آية أخرى: {وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} [النساء:٤٢].

فهذه الآية صرحت أنهم لا يستطيعون إنكار ما كانوا عليه من شرك، بل يحدثون الله تعالى بما كانوا عليه من الشرك.

وعليه فالزنادقة شكوا في القرآن وزعموا أنه متناقض.

قال الإمام: أما قوله: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام:٢٣]، وذلك أن هؤلاء المشركين إذا رءوا عفو الله عن أهل التوحيد يقول بعضهم لبعض: إذا سألنا نقول لم نكن مشركين، فلما جمعهم الله وجمع أصنامهم التي كانوا يعبدونها من دونه قال لهم: {أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} [الأنعام:٢٢]، ثم قال الله تعالى: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام:٢٣].

فلما كتموا الشرك ختم الله على أفواههم وأمر الجوارح فنطقت بذلك، وذلك قول الله تعالى: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [يس:٦٥]، فهذا تفسير ما شكت فيه الزنادقة.

وانظر إلى الإمام فإنه يقول: هذا تفسير ما شكت، ولم يقل: ما تأولت، ولا ما توهمت، ولا ما جهلت، وإنما يقول: هذا تفسير ما شكت؛ لأن عادة أهل البدع الشك، كما قال المخبول طه حسين: الأصل عندي في كتاب الله الشك حتى يتميز لي، أي: أنه يشك في كلام الله؛ لأنه تربى على منهج الملاحدة والزنادقة.