وعن الإمام الشافعي: سئل عمن هزل بشيء من آيات الله تعالى، أي: يقول ذلك من باب اللعب وعدم الاعتقاد بشيء من آيات الله عز وجل، وأذكر أني كنت ذات مرة في باص، فأتى أحدهم بنكتة سخيفة جداً فضلاً عن سابقتها من النكت التي تقدم بها وأعانه عليها شيطانه، فإذا به ينكت على الأنبياء فقال: وكذلك في سورة الأعلى: صحف إبراهيم وموسى وعلي، فقلت: ومن أين أتيت بـ علي؟ فقال: هكذا، فضحك كل من في الباص عن بكرة أبيهم، ضحكوا علي لاعتراضي على هذا الظريف الذي أضحك كل من في الباص حوالي ساعتين مسافة الطريق؟! فقلت له: أما تعلم أنك تكفر بذلك وتخرج من الملة؛ لأنك تستهزئ بآيات الله عز وجل؟! قال: وما أدراك بالكفر؟ قلت: وما أدراك أنت بالإيمان؟ فبهت، ولا بد أن يبهت لأنه ليس عنده جواب، فالذي ينكت مستخدماً آيات الله تعالى لا بد وأنه سيدخل في باب الاستهزاء، سواء استحل ذلك في قلبه أو لم يستحل، فإنه يكفر ويخرج من الملة؛ لأن كلام الله تعالى وكلام الرسول عليه الصلاة والسلام الذي صح عنه لا بد أن يصان عن العبث واللهو واللعب.
سئل الشافعي عمن هزل بشيء من آيات الله تعالى؟ فقال: هو كافر، واستدل بقوله تعالى:{قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ}[التوبة:٦٥ - ٦٦]، ولم يقل: قد أذنبتم، أو أخطأتم، أو جهلتهم، وإنما قال:{قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}[التوبة:٦٦]، وهذا يسوغ وقوع الكفر بعد الإيمان كما يسوغ وقوع الإيمان بعد الكفر، وهكذا فالمرء يتردد بين الإيمان والكفر.