للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ما من عبد قدر له أن يقبض في أرض إلا هيأ له الله بلوغها]

قال: [وعن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا كان أجل عبد بأرض هيئت له الحاجة إليها)] أي: إذا كان انتهاء أجل العبد في الحجاز وهو مصري؛ هيئت له حاجته ويسر له السفر إلى بلاد الحجاز؛ حتى تقبض روحه هناك.

وإذا كان رجل من أقصى الأرض وكتب له أن تقبض روحه في أدنى الأرض؛ فإنه لابد أن يصل إلى أدنى الأرض لتقبض روحه هناك، قال تعالى: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} [لقمان:٣٤]، فليس بلازم أن المصري يموت في مصر، والحجازي يموت في الحجاز، والأمريكي يموت في أمريكا، والأوربي يموت في أوروبا، وإنما لكل نفس أجل في الزمان وأجل في المكان، فلابد من استيفاء المكان واستيفاء الزمان.

ثم قال: [(حتى إذا بلغ أقصى أجله قبض، قال: فتقول الأرض يوم القيامة: رب! هذا عبدك كما استودعت)] أي: قد أديت الأمانة كما أمرتني أن تقبض روح العبد هاهنا في هذه البقعة.

قال: [قال ابن مسعود: إذا قدر الله عز وجل لنفس أن تموت بأرض؛ هيئت له إليها الحاجة].

قال: [وعن خيثمة قال: كان ملك الموت صديقاً لسليمان بن داود عليهما السلام، فأتاه ذات يوم فقال: يا ملك الموت! تأتي أهل الدار فتأخذ أهلها كلهم وتذر الدويرة -أي: البيت الصغير جداً إلى جنب هذه الدار- إلى جنبهم لا تأخذ منهم! قال: ما أنا بأعلم بذلك منك، إنما أكون تحت العرش، فتلقى إلي صكاك فيها أسماء، أي: صحائف فيها أسماء- فجاء ذات يوم وعنده صديق له فنظر إليه ملك الموت فتبسم ثم ذهب -أي: جاء ملك الموت إلى سليمان وعنده رجل آخر فتبسم ملك الموت ثم انصرف- فقال الرجل: من هذا يا نبي الله؟ قال: هذا ملك الموت، قال: لقد رأيته يتبسم حين نظر إلي، فمر الريح فلتلقني بالهند، فأمرها؛ فألقته بالهند، قال: فعاد ملك الموت إلى سليمان فقال: أمرت أن أقبضه بالهند فرأيته عندك!].

قال: [وعن خيثمة قال: قال سليمان بن داود عليه الصلاة والسلام لملك الموت: إذا أردت أن تقبض روحي فأعلمني، قال: ما أنا بأعلم بذلك منك، إنما هي كتب تلقى إلي فيها تسمية من يموت]، وهي تلك الصحائف.