[امتناع عمران بن حصين عن الحديث بسبب معارضة بشير بن كعب]
قال: [وعن حجير بن أبي الربيع أنه سمع عمران بن الحصين يقول: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (الحياء خير كله، فقال بشير بن كعب: إن منه ضعفاً ومنه وقاراً لله)].
فقال له بشير بن كعب: لا، فأحياناً يكون الحياء ضعفاً، ومنه وقار لله، أي: أن هذا ليس بحياء شرعي ممدوح، وإنما هذا ضعف وخور.
فمثلاً: لو أن متبرجة ارتدت النقاب بعد أن سمعت الشيخ يتكلم عن الحجاب والجنة والنار وغير ذلك، ثم قالت: أنا أستحي من الناس! وماذا سيقول عني الجيران؟ من هذه الطالعة والنازلة بالنقاب؟! فهذه المرأة تترك الحجاب حياء من الناس.
هل هذا يسمى حياءً؟ العرف سماه حياء، أما الشرع فلا يسمي هذا حياء، فالشرع حين تكلم عن الحياء إنما تكلم عن الحياء الشرعي، وأن الحياء خير كله.
[ثم قال عمران: والله لا أحدثكم بحديث اليوم].
أي: عقوبة لكم أن تحرموا اليوم من درس العلم، وهذا الكلام كان عليه أئمة السلف، فقد كان مجلس إسماعيل بن عياش لا يسمع به صوت، ولا يبرى فيه قلم، ولا يلتفت فيه أحد لأخيه، فإن التفت فيه أحد قام وتركهم، وكان يحضر مجلسه آلاف من الطلاب، وفي رواية: أن إسماعيل تهيأ للدرس، فلما جلس سمع رجلاً يضحك، قال: من الضاحك؟ قال الضاحك: أنا، قال: أتطلب العلم وأنت تضحك؟ فقال: وما لي لا أضحك؟ أليس الله عز وجل هو الذي أضحك وأبكى؟ -أرأيتم الفلسفة- قالوا: أنت ضحكت وربنا يضحك ويبكي، فأنت ضحكت وبقي منك البكاء فلم لا تبك؟! ثم قام إسماعيل وقال: والله لا أحدثكم شهراً.
فتصور أنه بسبب سوء أدب وقلة حياء واحد يُحرم الآلاف من العلم ومن سماع كلام النبي عليه الصلاة والسلام لمدة شهر كامل، وهذه عقوبة.