[قال ابن عون: أدركت الناس وما يتكلمون إلا في علي وعثمان رضي الله عنهما؛ حتى نشأ ها هنا هني].
والهن: اسم لما يستقبح ذكره، وقديماً كانوا يقولون لنا في الإعدادية: الأسماء الخمسة، ويقولون: باب الأسماء الخمسة، وفي الحقيقة هي الأسماء الستة، ولكنهم كانوا يحجبون عنا اسماً من الأسماء الستة وهو: الهن؛ لأن (الهن) اسم لما يستقبح ذكره، وإن شئت فقل: هو اسم من أسماء الدبر، ولما لم يكن ذلك مناسباً لعقول الصغار حذفوه من الأسماء الستة، وقالوا: هي أسماء خمسة، وهي في الحقيقة أسماء ستة.
[قال ابن عون: حتى نشأ ها هنا هني حقير يقال له: سيسويه البقال، فكان أول من تكلم في القدر، قال حماد: فما ظنكم برجل يقول له ابن عون: هني حقير].
فـ ابن عون في الحقيقة كان إماماً في الفضل والعلم والورع والتقى، وكان يشار إليه بالبنان، وكان مشهوراً في زمانه وبعد زمانه بالإمامة والعلم، وكان عفيف اللسان جداً لا يكاد يتكلم في أحد مطلقاً، فما بالك أنه يتجرأ ويقول عن رجل:(هني حقير؟!) فهذا بمثابة رميه بالكفر، وهذا قد جرى من كثير من أهل العلم كالإمام أحمد بن حنبل، فقد كلامه في الرجل كالمسمار في الصاج لا يمكن أن يثنى عنه.
والإمام البخاري عليه رحمة الله يقول: إذا قلت في رجل ضعيف؛ فلا تحل الرواية عنه، وهذه الكلمة لم يستخدمها عامة النقاد، وإنما الضعيف عند النقاد ضعيف، ولكن إذا قال البخاري عن راو: ضعيف فلا تحل الرواية عنه؛ لأن الضعيف عند البخاري يساوي عند غير البخاري كذاب، ولكن الإمام البخاري كان عفيف اللسان جداً، وعلى أي حال هذه مصطلحات، ولكل ناقد مصطلحاته الخاصة.