قال المصنف رحمه الله تعالى: [قال أبو واقد الليثي: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حنين -أي: ناحية حنين- ومررنا بالسدر -شجرة- فقلت: يا رسول الله! اجعل لنا هذه ذات أنواط كما للكفار ذات أنواط، وكان الكفار ينوطون سلاحهم بسدرة، ويعكفون حولها)].
ينوطون: أي يعلقون أسلحتهم على شجرة، فلما مروا بشجرة قالوا: يا رسول الله! اتخذ هذه لنا ذات أنواط، يعني: ائذن لنا أن نتخذ هذه الشجرة لتعليق سيوفنا عليها، وهذا أمر مباح؛ لكنهم قالوا:(كما للكافرين ذات أنواط)، فأراد النبي عليه الصلاة والسلام أن يقطع العلاقة كلية بما هو خاص بأخلاق اليهود والنصارى.
قال: [(فقال النبي عليه الصلاة والسلام: الله أكبر! هذا كما قال بنو إسرائيل لموسى: {اجْعَل لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ}[الأعراف:١٣٨] إنكم تركبون سنن الذين من قبلكم)] يعني: هدي الذين من قبلكم وأخلاقهم.
انظر إلى طلب الصحابة رضي الله عنهم، أن تكون لهم شجرة يعلقون عليها سيوفهم، وهذا أمر مباح، لكنهم لما قالوا: اجعل لنا ذات أنواط كما كان للكافرين، أي: تشبهاً بهم ولو في الأمر المباح قال النبي عليه الصلاة والسلام: (الله أكبر!) وهو تكبير استنكار عليهم إنكم تقولون نفس مقولة بني إسرائيل لموسى: {اجْعَل لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ}[الأعراف:١٣٨].
فالتشبه بالكافرين ربما أدى بكم في نهاية الأمر وتقادم العهد والزمان إلى أن تقولوا لأمرائكم وعلمائكم: اجعلوا لنا إلهاً كما كان لبني إسرائيل إلهاً.