للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بعض الآيات الدالة على هداية الله لمن يشاء من عباده وإضلاله لمن يشاء]

قال الله عز وجل: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ} [النساء:٨٨]، أي: يا محمد! أتريد أن تهدي من كتب الله تعالى وقدر عليه الضلال؟ {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا} [النساء:٨٨].

فلا يمكن أبداً أن تسلك إلى قلبه مسلكاً، فالقلوب لها أقفال ومفاتيح أعظم من أقفال ومفاتيح أي باب، فإذا كان الله تعالى طبع على قلب فلان فلا يمكن لجميع الأنبياء والمرسلين مجتمعين أن يفتحوا هذا القلب، ومهمة الأديان والأنبياء والمرسلين هي تبليغ دعوة الحق إلى الخلق فقط، أي: إرشادهم إلى الله، والذي يملك الهداية والضلال هو الله عز وجل.

وقال تعالى: {مُذَبْذَبِينَ} [النساء:١٤٣]، أي: المنافقين مترددين، {بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ} [النساء:١٤٣]، أي: لا هم مع أهل الإيمان قولاً واحداً، قلباً وقالباً، ولا مع الكافرين قولاً واحداً، وإنما هم مع الكافرين بقلوبهم ومع المؤمنين بأبدانهم، فهم يصومون ويصلون ويزكون ويحجون ويجاهدون ويقتلون في الحروب في معسكر الإيمان، ولكنهم ليسوا مؤمنين؛ لأن قلوبهم لم يدخلها الإيمان، بل الكفر لازال مستقراً فيها، {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا} [النساء:٨٨].

وقال تعالى: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَنْ يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الأنعام:٣٩].

اللهم اجعلنا منهم.

وقال تعالى: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [الأنعام:١٤٩].

وقال تعالى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الأنعام:١١٠].

وقال تعالى: {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الأنعام:١١١].

وتصور شخصاً يخرج من تحت الأرض، إن هذا لشيء مرعب، وينزل إليك ملك من السماء، وكل شيء بجوارك يحشر إليك من الشجر والدواب والطير والحشرات والهوام وغير ذلك من آيات الله عز وجل، فإنك يقيناً لابد أن تقول: آمنت بالله، وإذا كان الواحد من الكفار إذا وقع في ساحة القتال بيد مجاهد من المجاهدين قال: أسلمت؛ بسبب خوفه من السيف، فكيف يكون الحال إذا حشر كل شيء في السماء والأرض، إنه أمر مرعب، فلابد أن يسلم في هذه الحالة، ويخرج من الكفر إلى الإيمان، وهو في هذه الحال لن يخرج من الكفر إلى الإيمان إلا بمشيئة الله.

وقال تعالى: {وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ} [الأنعام:٣٥]، أي: لا تغضب يا محمد! إن كانوا معرضين، فقد كتب الله تعالى عليهم الضلال، فاعلم هذا ولا تأخذ نفسك بشيء، {فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} [فاطر:٨].

وقال: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [الشعراء:٣].

{فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [الأنعام:٣٥].

فهدايتهم بيد الله، وليس عليك يا محمد! إلا البلاغ المبين، هذه مهمة المرسلين.

وقال تعالى: {مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الأعراف:١٨٦].

وقال تعالى: {قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ} [الرعد:٢٧].

وقال تعالى: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} [الرعد:٧]، أي: أنت المنذر يا محمد! ولكن الهادي هو الله تعالى.

وقال: {أَفَلَمْ يَيْئَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا} [الرعد:٣١].

وقال: {بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ} [الرعد:٣٣].

فقال: ((وَصُدُّوا))، وليس وصَدّوا، وإنما ((وَصُدُّوا)) بالبناء للمجهول، والذي صدهم عن السبيل هو الله؛ لأن هذا نوع ضلال والله تعالى يملكه، {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [الرعد:٣٣].

وقال: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [إبراه