قال: [قال أبو بكر سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (كفر بالله عز وجل ادعاء نسب لا يعرف، وكفر بالله تعالى تبرؤ من نسب وإن دق)].
فلو أن شخصاً سئل عن اسمه فقال: اسمي كذا، فقيل: من أبوك؟ فقال: فلان وذكر رجلاً آخر غير أبيه، كأن يكون اسمه محمد بن أحمد فقال: محمد بن إبراهيم، فهو ملعون، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول:(لعن الله من انتسب لغير أبيه).
واللعن في حق المسلم يدل على الكبيرة، فالله تعالى لعن الكافرين في كتابه، ولعن من ارتكب ذنوباً معينة من المسلمين في كتابه، ولعن المذنب لا يخرجه عن الإسلام، وإنما هو علامة من علامات الكبائر، فمن علامات الكبائر أن يأتي فيها الوعيد الشديد، وللكبائر علامات تعرف بها، ويكفي ورود علامة واحدة ليكون هذا الذنب من الكبائر.
ومن هذه العلامات هي: العلامة الأولى: أن يأتي فيه التهديد والوعيد الشديد بالنار أو العذاب أو السخط أو اللعن أو غير ذلك.
العلامة الثانية: أن يقام عليه الحد في الدنيا؛ لأنه لا حد إلا في كبائر الذنوب.
فاللعن دليل على أن هذا العمل من الكبائر، كما في قوله صلى الله عليه وسلم:(لعن الله من غير منار الأرض).
فلو أن الحكومة وضعت على مفترق طرق علامة مكتوباً عليها: المنصورة على بعد (٥٠) كيلو نحو اليمين، فجاء شخص وغير هذه العلامة إلى مفرق طريق المنفية، وقال: المنصورة على بعد (٥٠) كيلو من هنا، فإذا بالمار يجد نفسه في المنفية، فهذا بلاء عظيم جداً على من يقصد المنصورة أن يذهب المنفية، فمن فعل هذا فقد دخل في لعنة الله تعالى ولعنة رسوله والملائكة والمؤمنين، (لعن الله من غير منار الأرض)، وفي رواية:(من غير منار الأرض فليس منا).
وقال عليه الصلاة والسلام:(ليس منا من خبب امرأة على زوجها)، يعني: أفسدها على زوجها، إلى غير ذلك من هذه الأحاديث أو النصوص التي حملت وعيداً شديداً فيما يتعلق ببعض الذنوب.
وهذا الذي غير العلامة من مفرق المنصورة إلى مفرق المنفية لا يكفر بذلك، ولا يقول هذا إلا من كان من الخوارج.
فهذه النصوص خرجت مخرج التهديد والوعيد الشديد لمن فعل ذلك في الحياة، فهو ذنب عظيم جداً يلزمه أن يتوب منه.