للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الميثاق الذي أخذه الله على ذرية آدم]

قال: [قال ابن عباس: ({وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّاتَهُمْ} [الأعراف:١٧٢]، قال: خلق الله آدم فأخذ ميثاقه أنه ربه، وكتب أجله ورزقه ومصيبته، ثم أخرج ولده من ظهره كهيئة الذر، فأخذ مواثيقهم أنه ربهم، وكتب آجالهم وأرزاقهم ومصيباتهم).

وعن أبي نعامة السعدي: قال: كنا عند أبي عثمان النهدي فحمدنا الله وأثنينا عليه ودعوناه، قال: فقلت: لأنا بأول هذا الأمر أشد فرحاً مني بآخره -يعني: يقول له: والله أنا مرتاح من الميثاق الذي أخذه الله علي؛ لأني مطمئن أنني أقررت بين يدي الله عز وجل في اللحظة التي أخرجني فيها من صلب آدم أن الله تعالى ربي- لأنني لا أعلم ماذا سيختم لي، هل أنا من أهل الجنة أو من أهل النار -يعني: أنه خائف من المستقبل- فقال أبو عثمان النهدي: ثبتك الله -أي: ثبتك الله على الميثاق الأول، الذي أنت أشد فرحاً به من آخره- قال أبو عثمان النهدي: كنا عند سلمان الفارسي فحمدنا الله ودعوناه وذكرناه، فقلت -أي: أبو عثمان النهدي -: لأنا بأول هذا الأمر أشد فرحاً مني بآخره -يعني: نفس الذي قلته أنت أنا قلته- فقال لي سلمان: ثبتك الله -أي: فدعوت لك بما دعا لي به سلمان - إن الله عز وجل لما خلق آدم عليه السلام مسح ظهره فأخذ من ظهره كهيئة الذر إلى يوم القيامة، أي: ما هو خالق إلى يوم القيامة، فخلق الله الذكر والأنثى والشقوة والسعادة، والأرزاق والآجال والألوان، فمن علم الله منه الخير فعلى الخير ومجالس الخير -يعني: سيعيش ويحيا على فعل الخير ومجالس الخير- ومن علم منه الشقوة فعلى الشر ومجالس الشر]، يعني: هذا أمر قد فرغ منه.

وقد كنا نستأنس جداً ببعض طلاب العلم، ثم بعد أن طلبوا العلم تركوا صلاة الجماعة، ثم تركوا الصلاة بالكلية، ثم ماتوا على ذلك، نسأل الله السلامة والعافية.

وكانوا من أنبل طلاب العلم، ولكن هذا حدث.

قال: [وعن أبي صالح: أن الله عز وجل خلق السماوات والأرض وخلق الجنة وخلق النار، وخلق آدم، ثم نشر ذريته -أي: أخرج ذريته من صلب آدم أو من كتفه في كفه سبحانه وتعالى- ثم أفضى بهما -أي: بسط بهما يداه- ثم قال: هؤلاء لهذه ولا أبالي -أي: للجنة- وهؤلاء لهذه ولا أبالي -أي: للنار- وكتب أهل الجنة وما هم عاملون، وكتب أهل النار وما هم عاملون، ثم طوي الكتاب ورفع]، بمعنى: أنه لا يزاد فيه ولا ينقص منه، ورفع فهو عند الله تعالى تحت العرش، وهذا هو اللوح المحفوظ والكتاب المكنون.

وهذان البابان متعلقان بمسألة واحدة، وهي مسألة أن الله تبارك وتعالى له عاقبة الأمور، وأن الخلق جميعاً خلقه، فمن شاء خلقه للجنة ومن شاء خلقه للنار، ومن قضى الله تعالى عليه بالنار فسيعمل بعمل أهل النار حتى يموت على ذلك ويدخل النار، ومن قضى الله تعالى له بالجنة فسيعمل بعمل أهل الجنة حتى وإن عمل بخلاف ذلك ابتداء، وسيختم له بعمل أهل الجنة حتى يموت على ذلك ويدخل الجنة، وكما قال عليه الصلاة والسلام: (الأعمال بالخواتيم).

نسأل الله تعالى أن يختم لنا ولكم بخاتمة السعادة أجمعين.