قال:[الباب الخامس: باب الإيمان بأن الشيطان مخلوق مسلط على بني آدم].
مخلوق وهو رأس الشر، واتفقنا من قبل أن الخير والشر من عند الله، وأن الله خالق للخير والشر، وأن الله أراد من عباده الخير إرادة شرعية دينية، وأحب ذلك وأمرهم به، وأراد منهم الشر إرادة كونية قدرية، بمعنى: أنه لا يقع في كون الله إلا ما أراد، وما شاء وقدر، ولو أراد العصاة معصية الله تعالى ما قدروا على ذلك إلا بعد أن يأذن الله في ذلك، فالله سبحانه لا يحب الشر بل يبغضه، وحذر منه، وخلق لأجله النار، وتوعد عباده العصاة.
إذاً: إبليس رأس الشر، فنؤمن بأن الشيطان مخلوق مسلط على بني آدم يجري منهم مجرى الدم في العروق إلا من عصمه الله عز وجل، ومن أنكر ذلك فهو من الفرق الهالكة.
ففي البخاري عن أنس: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم)، فالشيطان يجري من ابن آدم كما يجري منه الدم، فالدم يجري في كل أعضاء البدن، فكذلك الشيطان يجري في جميع أعضاء البدن، وهو يجري من ابن آدم كما يجري الدم في العروق.
[وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تلجوا على المغيبات -أي: لا تدخلوا على النساء اللاتي غاب عنهن أزواجهن، (لا تلجوا) أي: لا تدخلوا خلسة على النساء اللاتي غاب عنهن أزواجهن- فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم)، والعلة وردت في قوله عليه الصلاة والسلام:(ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما).
قال: [(قالوا: ومنك يا رسول الله؟! -الشيطان يجري منك مجرى الدم؟ - قال: ومني -أي: يجري مني كما يجري منكم- إلا أن الله أعانني عليه فأسلم، فلا يأمرني إلا بخير).
وكلمة (فأسلم) ضبطت مرة بالفتح ومرة بالضم، فالضم معناه: فأسلم أنا منه ومن وسوسته، ورواية الجمهور -وهي الصحيحة- بالفتح، أي: فأسلم الشيطان وترك الكفر، فصار مسلماً لا يأمرني إلا بخير، ولا يأمرني إلا بالإسلام].