[انتفاع صبيغ بتأديب عمر رضي الله عنه له فلم يلتحق بالخوارج حين ظهروا]
قال:[فلما سمع عمر رضي الله عنه مسائله فيما لا يعنيه كشف رأسه؛ لينظر هل يرى العلامة التي قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصفة التي وصفها، فلما لم يجدها أحسن تأديبه؛ لئلا يتغالى به في المسائل إلى ما يضيق صدره عن فهمه، فيصير من أهل العلامة الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلهم، فحقن دمه -أي: لم يقتله؛ لأنه ليس بصاحب علامة- وحفظ دينه بأدبه، رحمة الله عليه ورضوانه.
ولقد نفع الله صبيغاً بما كتب له عمر في نفيه].
لأن عمر نفاه إلى البصرة، وقال: هذا صبيغ يا أهل البصرة لا بد أن يقوم فيكم خطيباً، فيفضح نفسه على الملأ، ويقول: كان برأسي كيت وكيت وكيت، حتى أدبني أمير المؤمنين وفعل بي كذا وكذا وكذا، ولا زال صبيغ وضيعاً حتى مات بعد أن كان شريفاً.
ثم قال:[فلما خرجت الحرورية -وهي فرقة عظيمة من فرق الضلالة- قالوا لـ صبيغ: إنه قد خرج قوم يقولون كذا وكذا].
يعني: ذهب أصحاب السوء إلى صبيغ وقالوا: يا صبيغ لقد ظهرت فرقة تسمى: الحرورية -نسبة إلى مكان يسمى: حروراء، وهم خوارج، فهل لك يا صبيغ أن تلحق بهم، وأن تصير رأساً فيهم كما كنت رأساً من قبل؟ فانظر إلى رد صبيغ ماذا قال.
قال:[فقال: هيهات، نفعني الله بموعظة الرجل الصالح أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه] يعني: نفعه الله تعالى بما أدبه به أمير المؤمنين؛ ولذلك قال: هيهات هيهات لقد نفعني الله بموعظة الرجل الصالح أمير المؤمنين.
قال:[وكان عمر قد ضربه حتى سالت الدماء على وجهه، أو رجليه أو على عقبيه.
ولقد صار صبيغ لمن بعده مثلاً وتردعة لمن نقر وألحف في السؤال].