قال: [عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر)].
والسباب فوق الشتم، فالإنسان السباب طويل اللسان، بخلاف من سب مرة أو مرتين، وسباب المسلم فسوق، ولكن هذا الفسق لا يخرجه من الملة.
وأما قوله:(وقتاله كفر) أي: إذا كان مستحلاً لذلك.
وقتل المؤمن ليس كفراً، ولا يكفر القاتل، وقال ابن عباس: لا توبة لقاتل المؤمن، وهذا القول انفرد به ابن عباس ولم يوافقه عليه أحد من الصحابة، وقيل: إن ابن عباس رجع عنه.
والدليل على أن قاتل المؤمن ليس كافراً قول الله تعالى:{فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ}[البقرة:١٧٨].
فسماه أخاً.
وقال الله تعالى:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا}[الحجرات:٩]، أي: بغت إحدى هاتين الطائفتين المؤمنتين على أختها، فسمى هذه مؤمنة وهذه مؤمنة مع أن بينهما قتالاً أو مقتلة، وهذا أمر لا ينجو فيه من قتل بعض الأفراد من الطائفتين أو قتل الطائفتين جميعاً، ومع هذا سماهم الله تعالى مؤمنين، وهذا يدل على أن قاتل المؤمن لا ينفى عنه الإيمان بالكلية، وإنما ينفى عنه كمال الإيمان وتمامه، ويبقى له أصل الإيمان.
ولو أن أحداً ذهب إلى مؤمن ليقتله فقيل له: قتلك لهذا المؤمن ذنب عظيم جداً، فقال: ليس بذنب أصلاً، فقيل له: هل فعل ما يستوجب القتل؟ قال: لا، ولكني سوف أقتله، فقيل له: لقد حرم الله تعالى القتل بدليل قوله سبحانه كذا وقول رسوله كذا وإجماع أهل العلم وغير ذلك، فقال: ومع هذا فأنا سأقتله وذهب فقتله؛ فهذا مستحل، وقد قامت عليه الحجة بحرمة هذا الدم ولكنه لم يعبأ بهذه النصوص، فقتل من غير تأويل سائغ ولا اجتهاد مقبول، بل رأى أن قتل هذا الرجل ليس حراماً وإنما هو حلال.
قال:[وقال ابن مسعود: سباب المؤمن فسوق وأخذ برأسه كفر].