[فرقة الهشامية من الشيعة ومعتقداتها]
ومنها: الهشامية، وهي من هذه الفرق الغالية الكافرة، وقد اتفقنا من قبل أن الغلاة من كل فرقة كفار، وعليهم تتنزل النصوص المطلقة التي وردت في السنة، وفي آثار السلف رضي الله عنهم.
وهؤلاء هم أصحاب هشام بن الحكم وهشام بن سالم الجواليقي، وقد زعموا أن الله تعالى جسد، واتفقوا على ذلك، ثم اختلفوا، أي: اتفقوا على أنه جسد، لكنهم اختلفوا في كنه هذا الجسد، فهم قد اتفقوا على الكفر، ثم تفرع وتغلغل كل منهما في كفره.
يقول هشام بن الحكم: الله تعالى طويل، عريض، عميق، متساو طوله وعرضه وعمقه، وهو كالسبيكة البيضاء الصافية، ويتلألأ من كل جانب، وله لون وطعم ورائحة! تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً.
وأقول هذا الكلام وأنا في منتهى الحزن، وغاية الغم والنكد أن يقول أحد ممن ينسب إلى الإسلام هذا الكلام، ولولا إجماع أهل العلم على أن ناقل الكفر ليس بكافر، وأن أئمة الدين وأعيان الشريعة إنما نقلوا إلينا مقالة هؤلاء الملاحدة الكفار؛ ما نقلنا إليكم كلمة واحدة من هذا.
وهذه الصفات المذكورة ليست غير ذاته تعالى، فهو تعالى يقوم ويقعد، ويتحرك ويسكن، وله مشابهة بالأجسام، ولولاها لم تدل عليه، ويعلم ما تحت الثرى بشعاع ينفصل عنه إليه! أي: أن الله تعالى لا يعرف ما تحت التراب إلا بشعاع ينبثق منه إلى هذا الذي تحت الثرى.
وهو سبعة أشبار بأشبار نفسه، مماس للعرش بلا تفاوت بينهما، على وجه لا يفضل أحدهما على الآخر، وإرادته تعالى حركة هي لا عينه ولا غيره، وإنما يعلم الأشياء بعد وقوعها وحدوثها لا قبل ذلك، وهم بهذا يتفقون مع القدرية.
وعلمه بالأشياء بعد كونها لا قبله بعلم لا قديم ولا حادث؛ لأنه صفة والصفة لا توصف، وكلامه صفة له لا مخلوقة ولا غير مخلوقة؛ لما مر.
والأعراض لا تدل عليه، وإنما تدل عليه الأجسام؛ لما عرفت من مشابهته إياها.
والأئمة عندهم معصومون دون الأنبياء، وحجتهم في ذلك: أن النبي يوحى إليه، ويتقرب به إلى الله، بخلاف الإمام فإنه لا يوحى إليه، فوجب أن يكون معصوماً، وكذلك: أن الله تعالى هو الذي تولى حفظ ورعاية النبي، وهذا بخلاف الإمام، فإنه للزوم عصمته لابد أن يكون له ملك السماء.
وقال هشام بن سالم الجواليقي: الله تعالى على صورة الإنسان له يد ورجل، وخمس حواس: أنف وأذن وعين وفم، وله وفرة سوداء -أي: شعر أسود- ونصفه الأعلى مجوف ونصفه الأسفل مصمت، إلا أنه ليس لحماً ودماً! وقائل هذا الكلام يكفر بلا خلاف عند أهل العلم.