قال: [وعن سهل بن سعد الساعدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن العبد ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس)]، وهذا الحديث يحل إشكالات كثيرة في بقية النصوص.
قال: [(إن العبد ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وإنه لمن أهل النار)]، أي: أنه مراء وغير مخلص في هذا العمل، ولا قيمة لعمله، ولا يقبله الله مهما طاب وتعدى نفعه للآخرين، فهو ليس مخلصاً في هذا العمل لله عز وجل، وإنما فعله نفاقاً أو رياءً أو سمعة أو طلباً للمدح أو تصدراً للمجالس أو غير ذلك، فلا يقبل عند الله، ويأتي هذا الإنسان في آخر حياته مفلساً، وقد يكون عمل هذا العبد العمل الصالح خالصاً لله تعالى، ولكنه يأتي مع هذا العمل أعمالاً أخرى سيئة، فيخصم هذا من حسناته، حتى إذا فنيت حسناته أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه حتى يطرح في النار، وهذا هو المفلس الذي عرفه النبي عليه الصلاة والسلام.
وحديث سهل بن سعد هذا أخرجه الإمام أحمد بسند صحيح.
وانظروا إلى هذا الرجل الذي كان يقاتل قتالاً أعجب جميع الصحابة، وما استطاع أحد أن يقاتل مثله قال فيه الصحابة: والله إنا لنراه من أهل الجنة، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: من هذا؟ قالوا: فلان يا رسول الله! إنه يقاتل العدو قتالاً وقتالاً وظلوا يصفون قتاله، قال:(والله إني لأراه من أهل النار).
فهم يرونه فيما يبدو لهم من أهل الجنة، وهو يعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو لهم، وفيما اطلعوا عليه، ولكن الذي لم يطلعوا عليه أطلع الله عز وجل عليه نبيه، فقال:(والله إني لأراه من أهل النار، فقال رجل: أرمق الرجل)، يعني: سأنظر ماذا يعمل؛ لأنهم رأوه من أهل الجنة والنبي صلى الله عليه وسلم رآه من أهل النار، ولا بد أنه من أهل النار، فأراد أن يتعرف حقيقة هذا الرجل، فظل يتتبعه، إذا أسرع أسرع خلفه، وإذا وقف وقف، يرمقه من قريب ومن بعيد، حتى أصيب هذا الرجل بسهم فلم يصبر عليه، فوضع ذبابة سيفه في بطنه واتكأ عليه فخرج من ظهره فمات، أي: قتل نفسه، فأتى هذا الرجل الذي كان يتتبعه إلى النبي عليه الصلاة والسلام وقال: يا رسول الله! الرجل الذي قلنا فيه كذا وقلت فيه كذا قد فعل بنفسه كذا وكذا، فقال النبي عليه الصلاة والسلام:(الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله).