قال: [وعن حذيفة بن اليمان قال: أول ما تفقدون من دينكم الخشوع، وآخر ما تفقدون من دينكم الصلاة، ولتصلين النساء وهن حيض، ولينقضن الإسلام عروة عروة، ولتركبن طريق من كان قبلكم حذو النعل بالنعل، وحذو القذة بالقذة، لا تخطئون طريقهم ولا يخطأ بكم، وتبقى فرقتان من فرق كثيرة تقول إحداهما: ما بال الصلوات الخمس؟ لقد ضل من كان قبلنا، إنما قال الله {َأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفِيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ}[هود:١١٤]، لا يصلون إلا صلاتين أو ثلاثة، وفرقة أخرى تقول: إنا مؤمنون بالله كإيمان الملائكة ما فينا كافر ولا منافق، حقاً على الله أن يحشرهم مع الدجال].
هذا الكلام سنده ضعيف، وربما يكون في المتن بعض نكارة.
لكن لنا أن نأخذ العبرة من هذا الكلام، وهو أن فرقتين في آخر الزمان تنكران ثوابت الإسلام.
أما الأولى فتقول: ما هذه الصلوات الخمس التي يصليها الناس، فيكفينا أن نأخذ بالقرآن ولا علاقة لنا بالسنة، والقرآن ما قال في الصلاة غير قول الله عز وجل:{َأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفِيِ النَّهَارِ}[هود:١١٤]، أي: صلاة في أوله، وصلاة في آخره، {وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ}[هود:١١٤]، أي: وشيئاً يسيراً من آخره؟! ووالله لقد بلغ إلى مسامعي من يقول بهذا، وهو رجل ادعى العلم، وكتب ما يربو على عشر رسائل يسب فيها أهل العلم، وكأنه أخذ على عاتقه أو أقسم طلاقاً أن يشتم ويسب إمام أهل السنة والجماعة الشيخ الألباني عليه رحمة الله تعالى، فأبى الله عز وجل إلا أن يفضح هذا ويرفع ذاك، فرفع الله تعالى ذكر الألباني في الناس كلهم أجمعين، وأخزى هذا الأبعد، وهو بجواركم هنا خلف هذا المسجد، ولا بأس أبداً أن أذكره، وهو المعروف بـ أبي عبد الرحمن الأثري الذي صنف رسالة يقول فيها: تضعيف ما صححه الألباني وتصحيح ما ضعفه الألباني، والرد على جهالة الألباني، والرد على سفالة الألباني، وغير ذلك من عناوينه الاستفزازية التي سب فيها أهل العلم.
وكذلك لم ينج علماء الحجاز من لسانه، حتى فتن في دينه الآن وقال: الصلوات الخمس بدعة منكرة، وليس في الدين إلا صلاة في الصباح وصلاة في المساء! ولا بأس أن يصلي المسلم شيئاً من الليل، هكذا قال أخزاه الله! فالحمد لله أن بلغ إلى أعظم حد الردة، وكل هذا بسبب سبه لأهل العلم، إذ إن أهل العلم لهم حرمة عظيمة، ولحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، ومن تعرض لهم بالثلب، ابتلاه الله تعالى قبل موته بموت القلب.
على أية حال: نحن نحافظ كل المحافظة على البقية الباقية، لكن من أراد أن يمرق في هذا الزمان فالباب مفتوح على مصراعيه.
أما الفرقة الثانية التي ذكرها حذيفة فتقول:(إنا مؤمنون بالله كإيمان الملائكة، ما فينا كافر ولا منافق)، وهذا كلام يشبه كلام المرجئة؛ لأن المرجئة يقولون: نحن مؤمنون كإيمان جبريل وميكائيل، وإن إيماننا لا تضره ولا تؤثر فيه المعاصي، وهذا كلام كله خبل؛ ولذلك دعا عليهم حذيفة وقال: أسأل الله أن يحشرهم مع الدجال.