للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تستر أهل الباطل في طعنهم للإسلام وشرائعه بطعنهم في العلماء والرواة]

الحمد لله تعالى، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه.

وبعد.

فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أما بعد.

فقد توقفنا عند باب: التحذير من استماع كلام قوم يريدون نقض الإسلام، ومحو شرائعه، فيكنون عن ذلك بالطعن على فقهاء المسلمين وعيبهم، وهذا هو المرض العضال، لكنهم لا يجرءون أن يطعنوا في أحكام الإسلام مباشرة؛ لأنهم لا يجدون آذاناً صاغية، فيسلكون مسالك شيطانية أخرى، منها: الطعن في علماء المسلمين، أو الطعن في الرواة، ولذلك تجد أن أكثر الصحابة يطعنون فيه هو أبو هريرة رضي الله عنه، مع أن أبا هريرة ليس هو راوي الحديث فقط، وإنما هو أكثر الصحابة رواية للحديث، وعنده المؤهلات الشرعية والعلمية التي أهلته لأن يكون أكثر الصحابة رواية لعلم النبي عليه الصلاة والسلام، فلما كان مغنم القوم بزعمهم الطعن في جل الشريعة؛ لأنها جاءت من طريق أبي هريرة، عند ذلك لم يمكنهم التصريح بذلك، فلجئوا إلى الطعن في شخصية أبي هريرة؛ لأن سقوط الثقة في الراوي هو سقوط لمروياته، فلما انبرت أقلام الكثيرين من علماء السنة للذب عن أبي هريرة وعن إخوانه من الصحابة رضي الله عنه؛ لجئوا إلى حيلة أخرى وهي الطعن في علماء المسلمين عامة؛ لأن الاختلاف وقع بينهم، والله عز وجل إنما أمر بالاتحاد ونبذ الفرقة وذمها.

فقالوا: الحق واحد، وما اختلفوا إلا لأنهم ليسوا على طريق الحق، وليسوا على طريق الاستقامة، ولو كانوا كذلك لما اختلفوا! ولا شك أن هذه الشبهة في ظاهرها لا بد أن تدخل وتلتبس على أذهان وأفهام العامة من الناس، والعامة ليسوا أهل شبه، فمع أنهم القطاع العريض والعظيم في الأمة، لكنهم ليسوا مدار ثبوت الأحكام ونشرها، وإنما مدار ذلك على أهل العلم؛ لأنهم أصحاب العلم، وهم أهل الاجتهاد، وعليهم مدار الفتوى، فأولئك يريدون أن يشوشوا عقائد عامة المسلمين، وصغار طلاب العلم بصرفهم عن طريق السلف.