قال:[وعلى أن العشرة في الجنة -أي: العشرة المبشرون بالجنة- جزماً وحتماً لا شك فيه، ومجمعون على وجوب الترحم على جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والاستغفار لهم، ولأزواجه وأولاده وأهل بيته، والكف عن ذكرهم إلا بخير، والإمساك وترك النظر فيما شجر بينهم، فهذا وأشباهه مما يطول شرحه لم يزل الناس منذ بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم إلى وقتنا هذا مجمعون عليه في شرق الأرض وغربها، وبرها وبحرها، وسهلها وجبلها، يرويه العلماء رواة الآثار، وأصحاب الأخبار، ويعرفه الأدباء والعقلاء، ويجمع على الإقرار به الرجال والنسوان، والشيب والشبان، والأحداث والصبيان، في الحاضرة والبادية، والعرب والعجم، لا يخالف ذلك ولا ينكره ولا يشذ عن الإجماع مع الناس فيه إلا رجل خبيث زائغ مبتدع محقور مهجور مدحور يهجره العلماء، ويقطعه العقلاء، إن مرض لم يعودوه، وإن مات لم يشهدوه.
ثم أهل الجماعة مجمعون بعد ذلك على أن الصلاة خمس، وعلى أن الطهارة والغسل من الجنابة فرض، وعلى الصيام والزكاة والحج والجهاد، وعلى تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير، والربا والزنا، وقتل النفس المؤمنة بغير حق، وتحريم شهادة الزور، وأكل مال اليتيم، وما يطول الكتاب بشرحه.
فهم متفقون ومجمعون عليه؛ لأن هذا وإن كان متعلقاً بالشريعة لا بأصل الديانة، فهو أمر من أصول شرائعنا محل إجماع لم يخالف في ذلك أحد].
أي: لم يظهر في علماء المسلمين أو في علماء السنة من يقول مثلاً: الصلاة أربع فقط، ولو ظهر فلا بد أن ينتقل من أهل السنة إلى أهل البدعة فوراً؛ لأنه يقدح في الأصول، وليس هذا من منهج أهل السنة والجماعة، وإنما هذا مذهب أهل البدع، فمنهم من قال: الصلاة اثنتان: واحدة في أول النهار، والأخرى في نهاية النهار، ومنهم من يقول: الصلاة ما هي إلا الدعاء، ولا صلاة قط وينشرون هذا ويقولونه، وبالتالي فلا صلاة قط عندهم، وهؤلاء بلا شك هم أهل الزيغ والضلال.