[معنى قوله صلى الله عليه وسلم (من تشبه بقوم فهو منهم)]
السؤال
كثير من الناس يسأل عن قول النبي عليه الصلاة والسلام:(من تشبه بقوم فهو منهم) ويقول: إذا كنا مأمورين بمخالفة المشركين، أو مخالفة غيرنا من سائر ملل الكفر ولا نقتدي بهم، ولا نتشبه بهم في الهدي الظاهر ولا الباطن؛ فاليهود والنصارى الآن يطلقون لحاهم فهل يجب علينا أن نحلق لحانا؟
الجواب
لا، وإنما ضبط هذا الدليل الذي يستدل به السائل: من تشبه بقوم في أصل عادتهم وديانتهم، وليس هو من ديننا، فيكون المعنى: من تشبه بهم في أصل دينهم، أو في أصل عاداتهم المخصوصة بهم وليس من ديننا فليس منا، أي: ليس ذلك من أخلاق المسلمين، وأما إذا قام النصارى في الصباح يصلون معنا في المسجد، ويقومون معنا شهر رمضان فهل نخالفهم حتى لا نتشبه بهم؟! لا؛ لأن هذا من أصول ديننا، فمن أراد أن يتشبه بنا فله ذلك، ولا ينفعه ذلك إلا بعد الإيمان بالله عز وجل، وأما إذا تشبه بنا قبل أن يؤمن فإن ذلك لا ينفعه؛ {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}[الزمر:٦٥].
فلو أن شخصاً صلى أسبوعاً أو أسبوعين أو ثلاثة أسابيع ونحن نعرف أنه نصراني، وقلنا له: هل أسلمت؟ فقال: لا، إذاً فلماذا أنت تصلي؟ قال: أنا أتدرب على الصلاة، وأتعرف عليها، وأرى أحوال المسلمين في المساجد، فهذا لا ينفعه فعله ذلك، وهذه أفعال أهل الشبهات، فهو أتى يجربنا، فلو أن النصارى كلهم اجتمعوا واتفقوا في الكنيسة في كل حي أنهم ينطلقون إلى المساجد يصلون مع الناس، فهل نقوم نحن نخالفهم حينما نرى المسجد مليء بالنصارى ونترك الصلاة، ونقول: ما داموا يصلون فنحن مأمورون بمخالفتهم ولن نصلي؟! هل يصح هذا الكلام؟! لا.
إذاً فالأحاديث التي حذرت من التشبه بغير المسلم إنما ذلك فيما يخصه هو من أصل دينه، أو من أصل عادته، والله تعالى أعلم.
وكذلك الشارب؛ فقد أمر النبي عليه الصلاة والسلام في غير ما حديث في الصحيحين وغيرهما بمخالفة المشركين بإعفاء اللحية، وحف الشارب، وأما حلق الشارب فلا، وأما حلق اللحية فحرام معلوم حرمته، وأجمع على حرمة حلق اللحية فقهاء الإسلام، ولم يخالف في ذلك أحد، حتى نقل غير واحد من أهل العلم إجماع الأئمة الأربعة أبي حنيفة ومالك والشافعي وابن حنبل على وجوب إطلاق اللحية، وحرمة حلقها.
وهذا أمر لا يحتاج إلى إجماع؛ لأن هذا أمر معلوم علماً يقينياً عند أهل العلم.
فإذا كان النصارى قد أطلقوا لحاهم، وحفوا شواربهم، فهل يجوز أن نحلق لحانا، أو أن نحلق شواربنا؟! لا يجوز ذلك؛ لأن هذا من ديننا، فمن أراد أن يتشبه بنا فله ذلك، وإلا فنحن لا نتشبه بأحد من سائر ملل الكفر بما هو من عادتهم ودينهم، والله تعالى أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
سبحانك اللهم بحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.