[بيان ما يجوز فيه ذكر النجوم وما لا يجوز فيه ذكر النجوم]
قال: [أما النجوم فقد ورد فيها كلام بالإباحة وكلام بالمنع فأحدهما واجب علمه والعمل به، فأما ما يجب علمه والعمل به فهو أن نتعلم نحن من النجوم ما نهتدي به في ظلمات البر والبحر كما أمر الله عز وجل، ونعرف به القبلة والصلاة والطرقات، فبهذا العلم من النجوم نطق الكتاب ومضت السنة.
إذا نظرنا إلى الآيات المتعلقة بالنجوم في الكتاب والسنة لكان مدار هذه الآيات وهذه الأحاديث بأن نتعلم من النجوم ما نستنير به في طرقاتنا في البر والبحر، ونعرف به القبلة، ونعرف به مواقيت الصلوات وغير ذلك، فلا يجوز لنا بعد ذلك أن نتعلم من النجوم شيئاً غير الذي أمرنا الله تعالى به، وأمرنا به رسوله عليه الصلاة والسلام، وأن ما لا يجوز النظر فيه -أي: في النجوم والتصديق به- ويجب علينا الإمساك عنه من علم النجوم فهو ألا نحكم للنجوم بعمل، لا نقول: إن النجوم لها تأثير في الأعمال؛ لأن النجوم لا تعمل شيئاً.
أفل نجم في زمن النبي عليه الصلاة والسلام، فقال لأصحابه: ما كنتم تقولون في مثل هذا؟ قالوا: والله يا رسول الله! كنا نقول: لا يكون ذلك إلا لموت عظيم أو لميلاد عظيم، فبين النبي عليه الصلاة والسلام فساد هذه العقيدة، وقال:(إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله عز وجل لا تنخسف لموت أحد ولا لميلاده) فالخسوف والكسوف آيتان من آيات الله تتم بقدر الله عز وجل، فلا تسأل: لماذا وكيف؛ لأن هذا مما نهيت عنه أيضاً، ولا يقضى لها بالحدود في أمره كما يدعي الجاهلون من علم الغيوب بعلم النجوم ولا قوة إلا بالله، فهذا الذي نهينا عن الكلام فيه].