[هجر أهل العلم للواقفة وعدم السلام عليهم]
قال: [قال يوسف بن موسى القطان: قيل لـ أبي عبد الله: فمن وقف ماذا نصنع معه؟ قال: يقال له في ذلك -أي: يعلم- فإن أبى هجر].
[قال أبو عبد الله لما سئل عن الواقفي إذا كان يخاصم -أي: إذا كان صاحب حجة ولسان وبيان- لا يكلم ولا يجالس].
فإذا كان صاحب حجة وبيان ومستعد لأن يناظر فهذا الذي لا يناظر ولا يكلم، بل يهجر ويخاصم.
إذاً: الذي يكلم الجاهل المغرر به، هذا الذي يقال له: أنت جاهل، وهذا الذي تسلكه إنما هو كلام أهل البدع وأهل الضلال، أما كلام أهل الحق فهو كيت وكيت، فهذا الجاهل الذي لا حجة لديه، وإنما هو من عموم رعاع أهل البدع، أما الذي يخاصم ويجادل ويماحل عند العجز فهذا لا يجالس ولا يكلم.
قال: [وقال: على كل حال من الأحوال؛ القرآن غير مخلوق، وسأله رجل عن الشاكة: هل يسلم عليهم؟ أو أيرد على الرجل منهم؟ قال: إذا كان ممن يخاصم ويجادل فلا أرى أن يسلم عليه].
قال: [قال إسحاق: وشهدت أبا عبد الله وسلم عليه رجل من الشاكة، فلم يرد عليه السلام، فأعاد عليه السلام، فدفعه أبو عبد الله ولم يسلم عليه].
أي: دفعه في صدره دفعة قوية ولم يسلم عليه.
قال: [قال داود بن رشيد: من زعم أن القرآن كلام الله وقال: لا أقول: مخلوق ولا غير مخلوق، فهذا يزعم أن الله عز وجل لم يتكلم ولا يتكلم].
قال: [قال أبو بكر المروذي: سمعت أبا عبد الله يقول: ولا نرضى أن يقول: كلام الله ويسكت حتى يقول: إنه غير مخلوق].
وجاء عن عبيد الله بن معاذ: [لو علم الواقفة أن ربهم غير مخلوق لما وقفوا]؛ لأن الكلام يا إخواني! في الصفة فرع عن الكلام في الذات، فالذي يقول: القرآن كلام الله مخلوق كأنه يقول: الله مخلوق، والذي يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق يثبت أن الله تعالى غير مخلوق، والله تعالى هو خالق كل شيء وليس مخلوقاً: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص:٣]، ((لَمْ يَلِدْ)) أي: ليس أباً لأحد، ((وَلَمْ يُولَدْ)) أي: ليس ابناً لأحد؛ لأنه الخالق سبحانه وتعالى الذي تصمد إليه الخلائق في حوائجهم وحاجاتهم: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص:١ - ٤]، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:١١].
أقول قولي هذا، وأستغفر الله تعالى لي ولكم.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.