والإمام الحميدي أبو بكر عبد الله بن الزبير قال: أخبرت أن قوماً يقولون: إن من أقر بالصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، ولم يفعل من ذلك شيئاً حتى يموت، أو يصلي مستدبر القبلة حتى يموت، فهو مؤمن ما لم يكن جاحداً، قال: فقلت: هذا هو الكفر الصراح.
مع أنه معتقد ومقر بذلك كله، لكنه ترك ذلك كله متعمداً غير مستحل ولا جاحد ولا مكذب، ومع هذا فمجرد إقراره بهذه الفرائض ومباني الإسلام قال: هذا هو الكفر الصراح، وخلاف كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وفعل المسلمين.
وقال في كتاب له -أي: الإمام الحميدي - اسمه: مسند الحميدي تحت عنوان: أصول السنة والجماعة: وألا نقول كما قالت الخوارج: من أصاب كبيرة فقد كفر.
والإمام الحميدي هو الذي نقل الإجماع على أن تارك مباني الإسلام الخمسة كافر، ومع هذا يقول: ولا نقول كما قالت الخوارج: من ارتكب كبيرة كفر، وهذه إشارة من الإمام الحميدي إلى التفريق بين جنس العمل وآحاد العمل، أما جنس العمل فهو أصل وركن من أركان الإيمان، وأما آحاده كارتكاب بعض الكبائر، فهو يذهب كما يذهب أهل السنة جميعاً إلى أن مرتكب الكبيرة لا يكفر بذلك، قال: ولا تكفير بشيء من الذنوب، إنما الكفر في ترك الخمس التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم:(بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت).