قال التابعي الجليل نافع الفقيه مولى ابن عمر رضي الله عنه كما روى ذلك عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب السنة: إن معقل بن عبيد الله العبسي قال: قدم علينا سالم الأفطس بالإرجاء -وكان إماماً في الإرجاء فعلاً- فعرضه على الناس، قال: فنفر منه أصحابنا نفاراً شديداً -أي: أنهم قالوا: هذا الكلام غريب علينا وعلى عقيدتنا فلم يقبلوه منه- قال: فجلست إلى نافع فقلت له: إنهم يقولون: نحن نقر بأن الصلاة فريضة ولا نصلي، ونقر بأن الخمر حرام ونشربها، وأن نكاح الأمهات حرام وننكحها، يعني: أن الأمر فيه صراحة لفظيه بما هو مكنون في القلب، فإذا كان الأمر على الاستحلال فنحن لا نستحل ترك الصلاة؛ لأننا نقر بأن الصلاة مفروضة لكننا لا نصلي، ونعلم يقيناً من قلوبنا أن الخمر حرام لكننا نشربها، ونعلم أن الله حرم نكاح المحارم ونحن ننكح المحارم، قال: فنفر يده من يدي ثم قال: من فعل هذا فهو كافر.
ولم يعلق الكفر على الاستحلال، وإنما أوقع الكفر على مجرد الفعل، أو على الفعل المجرد من غير استحلال، وإلا فهو قد قال: نحن نقر بكيت وكيت وكيت لكننا نخالف ولا نعمل، ومع هذا قال نافع الفقيه: من قال هذا فهو كافر.