للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خطر أن يتقدم لدعوة الناس من كانت فيه صفتان]

إذاً من الخطورة بمكان أن يقدم إنسان فيه صفتان: الصفة الأولى: أن يقدم للناس الدين على حسب أهوائهم وآرائهم، وعلى حسب ما يحلو لهم، وما يتوقع أنهم يقبلونه به، فالله تعالى يقول: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف:٢٩]، فهذا حق الله الذي نزل من السماء، تقبله أو العاقبة عليك.

ثانياً: أن يتقدم للناس إنسان جاهل لا يعلم مسائل الحلال والحرام، ويريد أن يعظ الناس، وقد يتأثر الناس به، ونحن نحب ذلك، وبالفعل هؤلاء قد وصلوا إلى فئات من الناس لا يمكن أن يأتوا إلى مسجد العزيز، والعجيب أن التي تأتي منهن إلى مسجد العزيز فهؤلاء الأخوات في مسجد النساء يمسكنها فينشرن عظمها، ويجعلنها تخرج كارهة نفسها وكارهة الإسلام والمسلمين؛ لأن كثيراً من الأخوات المنتقبات لا حكمة عندهن في الدعوة إلى الله عز وجل.

فأول ما تدخل امرأة لابسة استرتش تجد النظرات الحادة موجهة إليها، وكان الأولى الرفق، ثم ألم تكوني بالأمس لابسة استرتش؟! والأخوات اهتمين بك حتى أصبحت أختاً لابسة للنقاب ومتشددة ومتزمتة مثلي! لكن هي نسيت أنها كانت بالأمس هكذا: {كَذَلِكَ كُنتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} [النساء:٩٤]، فتمسكها وتنشر عظمها! وتقول لها: ما هذا الذي أتيت به؟ ما هذه الجرأة؟ وتصلين بعد ذلك؟! والله العظيم تتصل بي نساء يقلن: لا يمكن أن ندخل مسجد العزيز؛ لأنه حصل من الأخوات أنهن قلن: كيت وكيت وكيت! فرفقاً بهؤلاء.

فتقول أحداهن: لكن يا شيخ! الصلاة بالبنطلون صحيحة أم غير صحيحة؟ نقول لها: ليست صحيحة، فتقول: كيف ذلك؟ إن فلاناً يقول: إنها صحيحة! فماذا أقول لها؟ فلان هذا جاهل، أنا لا أريد أن أسقطه في نظرها؛ لأنه صار رمزاً شئنا أم أبينا، لكن قدم للناس على أن هذا هو الإسلام، وهنا تكمن الخطورة، فنصحنا هذا الرجل بأنه لا داعي لأن يفتي الناس، وإنما عليه بالوعظ والكلام الرقيق وكلام القلوب والتأثير في الناس، ويأخذ معه فقيهاً، وكنت أظن أنه سيأخذ أحد مشايخنا المحترمين، لكن واضح أنه كان يلعب هذه اللعبة على منهجه، فقد أخذ فقيهاً لا يحرم شيئاً، إذاً فما الفائدة؟! كنت ستوفر وتفتي الناس أنت، والقضية كلها قضية مائعة، وعندما تذهب وتجلس مع هؤلاء الناس عقلك سيضل ويشك أهذا دين ربنا؟ أهؤلاء الناس مسلمون، أم أننا نحن الذين زدناها قليلاً؟! والله شيء غريب جداً، وأنا قد جلست في مجلس من هذه المجالس حتى إنني أشفقت على نفسي لا على هؤلاء الناس؛ لأنهم ما سألوني عن شيء إلا وقلت: حرام، وما أخبروني عن أحد في هذه المسائل إلا وقال: حلال، فقلت: لا أدري أأشفق على نفسي أم أشفق على هؤلاء الناس؟! ثم هؤلاء الناس أين سيذهبون؟! إذاً فهؤلاء فيم ينفعون في الكلام في القلوب والرقائق ومن هذا القبيل، وأما حلال وحرام فمادام أننا مختلفون فاجعلوها فيما بعد؛ حتى تتهيأ قلوب هؤلاء الناس لتحمل الإسلام.

ومن كان فيهم صادقاً كتب له الثبات على الدين والحق، وكان ينتج نتاجاً طيباً جداً، ونسأل الله تعالى أن يهدي الجميع.