[قوله تعالى:(قالوا لا علم لنا) وقوله تعالى: (هؤلاء الذين كذبوا على ربهم)]
وأما قوله:{يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ}[المائدة:١٠٩]، أي: ماذا كان موقف الأمم منكم؟ {قَالُوا لا عِلْمَ لَنَا}[المائدة:١٠٩]، هذا رد الأنبياء والمرسلين على الله عز وجل لما سألهم عن العلاقة التي كانت بينهم وبين أقوامهم.
وقال تعالى في آية أخرى:{وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ}[هود:١٨]، فقالوا: كيف يكون هذا، يقولون:{لا عِلْمَ لَنَا}[المائدة:١٠٩]، ثم يقولون:{هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ}[هود:١٨]، فزعموا أن القرآن متناقض ينقض بعضه بعضاً.
يقول الإمام: أما قوله: {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ}[المائدة:١٠٩]، فإنه يسألهم عند أول زفرة لجهنم، فيقول: ماذا أجبتم في التوحيد؟ فتذهل عقولهم عند زفرة جهنم، فيقولون: لا علم لنا.
والذي يترجح لدي: أن الأنبياء إنما قالوا: لا علم لنا؛ تأدباً مع الله عز وجل.
ثم ترجع إليهم عقولهم من بعد فيقولون:((هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ))، فهذا تفسير ما شكت فيه الزنادقة.