وقال جلال الدين بن نجم المالكي: وظهور الردة إما أن يكون بالتصريح بالكفر، أو بلفظ يقتضيه، أو بفعل يتضمنه.
وانظر إلى هذا الكلام الجميل، يعني: لو ذهبت إلى كتب الفقه في باب الردة، أو إلى أي كتاب من الكتب التي صنفت في الردة فستجد هذه النصوص وهذه الإجماعات، والواحد منا إذا وقف أمام هذه الإجماعات كلها فيجد الأمة مجمعة على كفر من قال قولاً هو ردة من غير عذر، أو تلفظ بلفظ يقتضي الكفر، أو عمل عملاً يتضمن الكفر.
قوله: وظهور الردة، أي: كيف تظهر الردة؟ قال: إما أن يكون بالتصريح بالكفر، كأن يقول الرجل: أنا كافر، وقد تحققت فيه الشروط، وانتفت عنه الموانع، فهل ستقول: لا عليك أنت مؤمن؟! لا، بل لو صرح بالكفر وإن كان في عقيدة نفسه ليس يعتقد الكفر فقد كفر بذلك، كذلك لو أتى الآن شخص وقال: يا شيخ! أنا مرتد عن دين الإسلام، فهل أقول له: تعال، كيف ارتديت؟ وما هي القصة والرواية؟ لا، فهذا ليس من شأني، أنا ما علي إلا أن أتحقق من الشروط وانتفاء الموانع فقط، فإذا تحققت فيه الشروط من التكليف، والعقل، والتمييز، والإدراك وغير ذلك أنظر بعد ذلك في الموانع، هل هو مكره؟ هل هو مجنون؟ ثم تنتهي القضية على هذا، مع بقية البحث في الشروط والموانع، فإذا تحققنا من هذا وذاك حكمنا عليه بالردة.
بل الذي حكم على نفسه بالردة، أو أنه تلفظ بلفظ يقتضي الكفر، أو بفعل يتضمنه، فقد انعقد الإجماع على أنه يكفر بذلك.