[وقدم الأحنف بن قيس على عمر في وفد عظيم؛ فسرح عمر الوفد واستبقى الأحنف].
وكان الأحنف هذا ذكياً عاقلاً فطناً، وكان ذا لسان يقطر عسلاً، حتى شهد له الكثير منذ طفولته باللباقة، وحسن صياغة الكلام وصناعته على أحسن وجه.
وكان يهضم نفسه دائماً، ويقدم مصلحة الجماعة على مصلحته الفردية، فلما قدم في الوفد على عمر [سرح عمر الوفد -أي: بعد قضاء حاجته- واستبقى الأحنف عاماً كاملاً بالمدينة.
ثم قال له: يا أحنف! أتدري لم أبقيتك؟ قال: لا.
قال: لأني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يحذر من كل منافق عليم اللسان، ولست منهم يا أحنف! فالحق بالوفد].
فـ عمر رضي الله عنه خشي أن يفتن الأحنف الناس بخفة لسانه، وصياغة ألفاظه؛ فاستبقاه عاماً كاملاً حتى يشعر الناس بعد مرور عام بمفارقتهم للأحنف، وأنه يمكن أن يحيوا ويعيشوا بدونه.