[حديث:(كان قتادة إذا تلا قوله تعالى: (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا))]
فهذا قتادة وهو سيد من سادات التابعين [كان إذا تلا قول الله عز وجل:{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا}[فصلت:٣٠]] أي: شهدوا وأقروا بربوبية الله عز وجل، وبأنهم مربوبون لله عز وجل، ((ثُمَّ اسْتَقَامُوا)): على ما أقروا به.
[قال: إنكم قد قلتم: ربنا الله.
فاستقيموا على أمر الله].
أي: إذا كنتم أقررتم بالربوبية والألوهية؛ لأن الإقرار بالربوبية إذا جاء منفرداً شمل معه الإلهية، وإذا كان الإقرار بالإلهية منفرداً شمل معه الربوبية، أما إذا ذكر الإلهية والربوبية في نص أو في دليل فإن لكل واحد منها مدلولاً، فالإلهية لها مدلول والربوبية لها مدلول آخر، كما في قول الله تعالى:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الفاتحة:٢]، فهذه الآية قد شملت الإلهية كما في قوله:((الْحَمْدُ لِلَّهِ))، والربوبية كما في قوله:((رَبِّ الْعَالَمِينَ))، فهذه الآية قد تكلمت عن الإلهية وعن الربوبية في آن واحد، أما إذا قال العبد:(الحمد لله) فإنه قد أقر بالإلهية والربوبية على السواء، وإذا قال: ربنا الله، فإنه أقر بالربوبية والإلهية كذلك، وهذا في معنى قولهم: الإلهية والربوبية إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا، وهذا كالإيمان والإسلام والإحسان.
قال:[إنكم قد قلتم: ربنا الله.
فاستقيموا على أمر الله وطاعته وسنة نبيكم، وامضوا حيث تؤمرون]، أي: استمسكوا بالعمل حيث قد أمرتم.
قال:[فالاستقامة]-أي: فاستقامة المرء على الإسلام [أن تلبث على الإسلام]- أي: أن تقر وأن تعمل بالإسلام [والطريقة الصالحة، ثم لا تمرق منها] أي: لا تخرج من الإسلام، ولا من طريقته الصالحة، [ولا تخالفها ولا تشذ عن السنة، ولا تخرج عنها، فإن أهل المروق من الإسلام] أي: أهل الردة والخروج عن الإسلام، [منقطع بهم يوم القيامة].
أي: منقطع بهم آخر الانقطاع، فلا يصلون إلى الله عز وجل.
قال:[ثم إياكم وتصرف الأخلاق]، أي: وابتعاد أخلاقكم عن أخلاق نبيكم، [واجعلوا الوجه واحداً، والدعوة واحدة، فإنه بلغنا أنه من كان ذا وجهين وذا السانين كان له يوم القيامة لسانان من نار].
هكذا قال قتادة رحمه الله، وهو من سادات التابعين، وتربى على يد أنس بن مالك.