للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حديث عبد الله بن مسعود في كيفية التصرف مع الفتن]

قال: [وعن عمرو بن وابصة الأسدي عن أبيه] وأبوه وابصة الأسدي من كبار الصحابة، [قال: إني لفي داري بالكوفة، إذ سمعت على باب الدار: السلام عليكم أألج؟].

وهذه العبارة كانت معروفة عند العرب، أما في الإسلام فيقال: أأدخل؛ ولذلك (أتى رجل النبي عليه الصلاة والسلام فقال بعد أن طرق الباب: أألج؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم لـ أنس: اذهب فعلمه كيف يستأذن، فقال أنس للطارق: إذا أتيت قوماً فاطرق عليهم ثلاثاً وقل: أأدخل)، أي: لا تقل: أألج، لكن هذا الطارق الذي طرق على وابصة قال: [أألج؟ قلت: وعليكم السلام.

فلج]، أي: فادخل.

[قال: (فدخل فإذا هو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، فقلت: يا أبا عبد الرحمن! أية ساعة زيارة هذه في نجد الظهيرة؟)]، ما الذي أتى بك في عز الحر، وليست هذه الساعة ساعة يتزاور فيها الناس، بل هذا وقت قيلولة وراحة، فقال: قد وقع أمر عظيم، ونزلت بلية عظيمة، آل علي النهار، فذكرت من أتحدث إليه.

قال وابصة: (فجعل يحدثني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحدثه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تكون فتنة النائم فيها خير من المضطجع، والمضطجع فيها خير من القاعد، والقاعد فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الراكب، والراكب خير من المجري، قتلاها كلها في النار، فقلت: يا رسول الله! فمتى ذلك فينا؟ قال: أيام الهرج.

قلت: وما أيام الهرج؟ قال: حين لا يأمن الرجل جليسه)]، علامة من العلامات، أيام الهرج، والهرج: هو الفتن والافتراق والاختلافات والقتل، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم لذلك علامة قال: (حين لا يأمن الرجل جليسه).

يعني: يجالس الرجل أخاه، لكنه يحذر منه كل الحذر، [(قلت: فما تأمرني إن أدركت ذلك؟ قال: اكفف يدك ونفسك، وادخل في دارك، قلت: أرأيت إن دخل علي داري؟ قال: فادخل بيتك)]، الرجل لو دخل في بستانه أو حديقته اللاحقة للبيت فقد دخل داره.

قال: فإذا دخل علي داري؟ قال: (ادخل بيتك)، أي: ادخل المكان الذي أعد لأهل البيت، [(قلت: أرأيت إن دخل علي بيتي؟ قال: فادخل مسجدك) والمسجد: هو المكان الذي اتخذه الرجل في بيته مكاناً لصلاته وسجوده.

قال: [(فادخل مسجدك واصنع هكذا، وقبض بيمينه على الكوع) يعني: ضم إليه يده ولم يطلقها؛ أي: حتى لا تؤذي الداخل، ولا تقاتل بها الداخل، كأنه يقول له: اضمم إليك جناحك، واضمم إليك نفسك، وكف لسانك وكف يدك.

قال: [(وقل: ربي الله حتى تقتل على ذلك) أي: على هذه الحالة، فالنبي عليه الصلاة والسلام هنا يدل على النجاة بلا شك.

والفرق بين الفتنة العامة والفتنة الخاصة: أن الفتنة الخاصة هي فتنة الرجل في ماله، وفي أهله، وفي ولده، وفي زوجه، وبينه وبين أهله.

أما الفتنة العامة: فهي التي تنزل على عموم المسلمين، ليست متعلقة بكل شخص على حدة.