للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فرقة الخطابية من الشيعة ومعتقداتها]

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً.

وبعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أما بعد: فلا يزال الكلام موصولاً عن الفرق التي ظهرت في الإسلام، وقد تكلمنا عن الفرقة الأولى وهي: الشيعة، وهي من أوائل الفرق ظهوراً، وبينا أن الشيعة إنما مردها جميعاً إلى أصول ثلاثة: فهم إما غلاة، وإما زيدية، وإما إمامية.

وتكلمنا عن بعض فرق غلاة الشيعة وقلنا: إن منها: السبئية أتباع عبد الله بن سبأ اليهودي الذي أظهر الإسلام.

ومنها: الكاملية، وهم أصحاب أبي كامل.

ومنها: البيانية، وهم أصحاب بيان بن سمعان.

ومنها: المغيرية، وهم أصحاب المغيرة بن سعيد.

ومنها كذلك: المنصورية، وهم أصحاب أبي منصور العجلي.

ومنها: الجناحية، وهم أصحاب عبد الله بن جعفر ذي الجناحين.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ومنها: الخطابية، وهم أصحاب أبي الخطاب الأسدي، واسمه: محمد بن أبي زينب الأجدع، مولى بني أسد، أبو إسماعيل، وقد قتله عيسى بن موسى والي الكوفة من قبل العباسيين في عام ١٤٣هـ.

وقد عزا أبو الخطاب الأسدي نفسه إلى أبي عبد الله جعفر الصادق، فلما علم منه جعفر الصادق غلوه في حقه تبرأ منه، فلما اعتزل عنه ادعى الأمر لنفسه، وهو نفس ما فعله من قبل أبو منصور العجلي]، أي: أنه لما يظهر غلوه يتبرأ منه الإمام، ثم يزعم أن الأمر لنفسه بعد ذلك.

وهؤلاء الخطابية يقولون: إن الأئمة أنبياء أو رسل، وهذه أول بلية من بلاياهم، وهم يقولون: إن أبو الخطاب إمام، إذاً فهو نبي، ويزعمون أن الأنبياء فرضوا على الناس طاعة أبي الخطاب، أي: أن الأنبياء تنبئوا بنبوة أبي الخطاب، ولذلك أمر كل نبي قومه بطاعة أبي الخطاب، بل يزيدون على ذلك ويقولون: إن الأئمة آلهة، وهذا الكلام لا يستغرب منهم؛ لأن الذي يغالي في الإمام لابد أنه يضعه في موضع العصمة، وبالتالي لابد أن يثبت له النبوة، ثم إذا ثبت لأحد النبوة عند هؤلاء الفرق الضالة فاعلم أنه لابد أن يصل إلى مرحلة ادعاء الإلهية.

كما يزعمون أن الحسنين ابنان الله تعالى! وأن جعفر الصادق إله، لكنَّ أبا الخطاب أفضل منه ومن علي، ويستحلون شهادة الزور لموافقيهم على مخالفيهم، والإمام بعد قتل أبي الخطاب هو معمر، ذهب إلى ذلك جماعة منهم، فعبدوا معمراً كما كانوا يعبدون أبا الخطاب، وقالوا -أي: المعمرية أتباع معمر خليفة أبي الخطاب -: إن الجنة هي نعيم الدنيا، والنار آلامها، أي: أنهم لا يؤمنون بالجنة والنار كما يؤمن أهل السنة، والدنيا عندهم لا تنتهي بقيام الساعة؛ لأنهم لا يؤمنون بالساعة، ولا يؤمنون بالبعث ولا بالنشور.

كما استباحوا المحرمات: من الخمر والسرقة والزنا وشرب الخمر وغير ذلك، وتركوا الفرائض من التوحيد والصلاة والصيام والزكاة والحج وغيرها من سائر الواجبات.

وقيل: إن الإمام بعد قتله هو بزيغ، ذهب إلى ذلك طائفة أخرى منهم، وقالوا -أي: البزيغية-: إن كل مؤمن يوحى إليه! أي: أن الوحي لا يزال ينزل على كل مؤمن، متمسكين في ذلك بقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [آل عمران:١٤٥]، أي: إلا بوحي من الله، فلا تموت عندهم نفس قط إلا إذا أوحى الله تعالى إليها، ولو أوحى إليها: أن موتي؛ فهذا نوع من أنواع الوحي.

وزعموا أن في أصحاب بزيغ من هو خير من جبرائيل وميكائيل! وإذا كان هذا في أصحاب بزيغ وهو الإمام الثالث في هذه الطائفة من الخطابية بعد أبي الخطاب ومعمر؛ فما بالكم بـ بزيغ كيف يكون حاله؟! وهم لا يموتون أبداً، فإذا بلغوا النهاية رفعوا إلى الملكوت، وعلى أي حال فهذا مصطلح عندهم ربما عم به البلاء؛ لكن البلاء عندما أوصلوا بـ بزيغاً إلى مرحلة الإلهية، وبزيغ قد مات، وهم الذين دفنوه، فكيف يدفن إله، ومن دون الإله يرفع إلى الأعلى؟! فهذا كلام كله تخبيط.