للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ختم الله على قلوب الكفار]

قال: [فختم على قلوبهم -أي: الأشقياء- فحال بينهم وبين الحق أن يقبلوه، وغشى أبصارهم عنه فلم يبصروه، وجعل في آذانهم الوقر فلم يسمعوه، وجعل قلوبهم ضيقة حرجة، وجعل عليها أكنة، ومنعهم الطهارة فصارت رجسة؛ لأنه خلقهم للنار، فحال بينهم وبين قبول ما ينجيهم منها، فإنه قال تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ} [الأعراف:١٧٩] أي: أضل من الأنعام، والأنعام أشرف منهم.

وقال تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [هود:١١٩].

وهذا وما أشبهه فرض على المؤمنين الإيمان به]، أن يؤمنوا أن الهداية بيد الله ومن عنده، وأن الشقاء بيد الله ومن عنده، فهو يهدي من يشاء ويضل من يشاء سبحانه وتعالى، وكل ذلك داخل في مشيئته عز وجل، فهدايته للخلق محض فضل الله تعالى على من هداه، وإضلاله وإتعاسه وإشقاؤه لبعض خلقه عدل من الله عز وجل.

قال: [فهذا وما أشبهه فرض على المؤمنين الإيمان به، ويرد علم ذلك ومراد ذلك إلى الله تعالى، ولا ينبغي للمخلوقين أن يتفكروا فيه].

يعني: أنت لا يحق لك أن تقول: لماذا أضل الله فلاناً؟ والله قادر على أن يجعل شارون مسلماً؛ لأن الله تعالى على كل شيء قدير، وهو قادر على ذلك، ولو أراد الله عز وجل لقذف الإيمان في قلب شارون، وسيكون هذا حدث من الأحداث التي يتكلم عنها القاصي والداني، والتي ستغير وجه الأرض ووجه العالم، وهذا فيما يتعلق بنظري ونظرك، ولكن علم الله عز وجل مقدم على ذلك، وقد علم أن الحكمة في بقاء شارون على الكفر، ومعلوم أن اليهود والنصارى كفار، وهذا معلوم بالضرورة، وقد نوقشت.

رسالة في جامعة القاهرة منذ عدة أيام، ولما قال الطالب: وقد قال فلان من الكفار، قالوا له: إنه ليس من الكفار، فقال: أليس هذا كاتب إنجليزي؟ قالوا: نعم كاتب إنجليزي، وهو نصراني، فكيف يكون كافراً؟ فقال: الله عز وجل يقول: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات:١٠]، فقال له المناقش: هؤلاء إخواننا في الإنسانية، ولا داعي لأن نسميهم كفاراً.

والأمر بيننا وبين اليهود والنصارى إيمان وكفر، وليس هناك وسط بيننا وبينهم، وهو إما أن يكون مؤمناً أو كافراً، فلما نفى الله عز وجل عنهم الإيمان وأثبت لهم الكفر بسبب إعراضهم عن دعوة محمد عليه الصلاة والسلام كفروا قولاً واحداً، ومن قال غير ذلك فهو جاهل غبي أحمق، لا علم له بالكتاب ولا بالسنة كذلك.