ومنها: البدائية، أي: الذين جوزوا على الله البداء، والبداء مصطلح في غاية الأهمية نجده في كتب المتكلمين، كما تجد في كتب الأزهر إثبات الكلام النفساني لله عز وجل! فأنت رجل من أهل السنة تعلم أن الله تعالى يتكلم متى شاء، وكيف شاء، وبأي كلام شاء، ويتكلم المولى عز وجل بحرف وصوت، لا ككلام البشر، ويتكلم بكيفية تليق بجلاله وكماله، فأنت تعلم هذا الأمر ومؤمن به.
بينما تقرأ في كتب الأزهر: أن الله تعالى يتكلم بكلام نفساني، فما معنى: أن الكلام نفساني؟ إن كنت لا تعلم معناها فستمرها كما هي، ثم بعد ذلك عندما تكون في موطن المسئولية ستعلمها الغير، وبهذا تكون قد أسهمت في نشر الباطل وأنت لا تدري أنه باطل.
القول بالكلام النفساني لله عز وجل أمر في غاية البطلان والخذلان، وهو مصطلح عند الأشاعرة والماتريدية الذين يقولون: إن الله تعالى لا يتكلم بصوت ولا حرف، وأما أهل السنة فيعتقدون أن الله تعالى يتكلم بصوت وحرف، بينما الأشاعرة يقولون: لا يتكلم بصوت ولا حرف، وإنما هو كلام نفساني، أي: أن الكلام يدور في نفس الله عز وجل، مثل السر تماماً حينما يحيك في صدرك، ثم إن الله عز وجل يطلع جبريل عليه السلام على هذا الكلام النفساني فيعرفه جبريل، فإذا عبر عنه بالعبرانية كان توراة، وإذا عبر عنه بالسريانية كان إنجيلاً، وإذا عبر عنه بالعربية كان قرآناً، وهذا يعني في نهاية الأمر أن القرآن هذا كلام جبريل، وليس بكلام الله عز وجل! أرأيتم خطورة هذا المصطلح، ففي نهاية الأمر أن الله تعالى لا يتكلم، لكنه يدور في نفسه الشيء فيطلع عليه جبريل، ثم يعبر عنه جبريل من عند نفسه؛ لأن جبريل له شأن كبير، فهو يعرف كل اللغات، فإذا عبر بالعبرانية فهو التوراة، وإذا عبر بالسريانية فهو إنجيل، وإذا عبر بالعربية فهو قرآن.
وفي نهاية الأمر هذه الكتب السماوية من كلام جبريل لا من كلام الله عز وجل! والصواب: أن الله تعالى يتكلم بحرف وصوت، ويتكلم بما شاء، وكيف شاء، ومتى شاء، وأن كلام الله تبارك وتعالى لا ينفد ولا يفنى.
وأما أهل الباطل فإنهم يعتقدون أن الله تعالى لا يتكلم بحرف ولا صوت، وإنما له كلام نفساني.
وكذلك مصطلح: البداء، فإنك تجد بعض الفرق تجوُّز على الله البداء، أي: أن الله تبارك وتعالى يقول الشيء، ويأمر بالشيء، وينهى عن الشيء، ثم يعرض له ما كان جاهلاً به فيرجع عن أمره وينهى، فبعد أن نهى وهو يعلم أن هذا النهي فيه مصلحة للناس يبدو له بعد ذلك أن هذا النهي ليس فيه مصلحة للناس، بل فيه مفسدة، فيرجع عن نهيه، أي: أنه يفعل الشيء ثم يبدو له خلاف ما كان عليه في الأول، وهذا اتهام لله عز وجل بأنه ليس عظيماً ولا قديراً ولا حكيماً.
والذين جوزوا البداء على الله عز وجل هم من الفرق الضالة وليسوا من أهل السنة، ولا علاقة للنسخ ألبتة بالبداء، والنسخ محل نزاع بين أهل السنة، فمنهم من يقول به، ومنهم من لا يقول به، لكن الذي يقول به ليس من باب البداء على الإطلاق، وإنما هو باب آخر.
والبدائية لقبوا بذلك لأنهم جوزوا البداء على الله تعالى.