باب العزل في الحقيقة باب عظيم، وله في الاعتقاد ميدان فسيح، كما له كذلك في باب الفقه ميدان فسيح، ولذلك منهم من يذكر أحاديث العزل في أبواب الاعتقاد كـ ابن بطة، ومنهم من يذكرها في أبواب الطلاق أو النكاح أو الرضاع أو يخصها بباب حكم العزل كما فعل مسلم والبخاري.
أما مسلم فقد أخرجه في كتاب الطلاق، وأما البخاري فقد أخرجه في كتاب النكاح، وهذا أبو سعيد الخدري رضي الله عنه يقول:(سألني أبو صرمة فقال: يا أبا سعيد! هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر العزل؟ فقال: نعم، غزونا مع رسول الله عليه الصلاة والسلام غزوة بني المصطلق، فسبينا كرائم العرب -أي: أعظم نساء العرب- فطالت علينا العزبة ورغبنا في الفداء، فأردنا أن نستمتع ونعزل، فقلنا: نفعل ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا لا نسأله! فسألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا عليكم ألا تفعلوا)، أي: إن شئتم استمتعتم وإن شئتم تركتم، إن شئتم عزلتم وإن شئتم أفرغتم ماءكم في أرحام هؤلاء، قال:(ما كتب الله خلق نسمة هي كائنة إلى يوم القيامة إلا ستكون)، ومفهوم المخالفة: وإذا قدر الله لها ألا تكون فلن تكون، بل لو اجتمع أهل الأرض على ذلك، وفي رواية:(فإن الله كتب من هو خالق إلى يوم القيامة)، وفي رواية: لما سئل النبي عليه الصلاة والسلام عن العزل قال: (لا عليكم ألا تفعلوا، فإنما هو القدر).