وفي يوم الإثنين الماضي لما كنت أنبه أن المشاركة في عيد شم النسيم هي مشاركة لأهل الخميس، وقد صنف الإمام الذهبي عليه رحمة الله كتيباً صغيراً قدر الكف لكنه مركز جداً في قضية الولاء والبراء، وسماه: نهي الخسيس عن التشبه بأهل الخميس، نهي الخسيس أي: من المسلمين الذي يتشبه بالنصارى، والأعياد بإجماع المسلمين ليست من الأحكام الشرعية وإنما هي من باب العقائد، وهذا عيد من أعياد النصارى، ولما قلت: لا يجوز لمسلم أن يشارك النصارى في هذا اليوم، وهذا عيد من أعيادهم؛ قام إلي رجلان أحدهما استنكر هذا القول جداً وقال: الأعياد ليست من العبادات، وهو قد تربى في أحضان أمريكا سبعة وعشرين عاماً، حتى تعلموا أن الذي يذهب إلى هناك وإلى دول أوروبا مهما حرص على التزامه لا بد أن يحصل له شيء من التفلت، والإنسان جزء من المجتمع، والإخوة في مصر جزء من المجتمع المصري، وبلايا المجتمع المصري يتلطخ بها الإخوة.
ولذلك من الخطأ العظيم جداً أن تقول لرجل من الناس أو أخ من الإخوة: كيف تفعل هذا؟ وأنت تفعله! وكونك علمت أن هذا الفعل لا ينبغي منه إذاً: فلا ينبغي منك أنت كذلك، ولا ينبغي للمدخن أن يقبل أن يدخن هو ولا يقبلها من أخ ملتح، فالتدخين حرام على الحليق وعلى الملتحي، فلم يقبله الحليق على نفسه ويستنكره على الأخ الملتحي ويقول: هذا شيخ؟! وإذا دخل شيخ السينما فكل الناس ينظرون إليه ويتلفتون شمالاً ويميناً ويقولون: كيف يدخل شيخ سينما؟! يعني: أنهم عارفون أن دخول السينما حرام؟ ويقولون: نعم دخول السينما حرام، فإذا سألتهم فلماذا دخلتم؟ يقولون: هذا شيخ، وقد يأتيه داخل السينما أكثر من مائة يلومونه مع أنهم أولى باللوم، وكل واحد منهم يقول: أنا لست شيخاً، وكأنه يقول: أنا لست مسلماً، ولست مطالباً بالحلال والحرام، بل كل شيء لدي جائز ومباح، فيكون هو الذي حكم على نفسه ولم يحكم عليه أحد.
وقام الثاني إلي وقال: أنا أختلف معك؛ لأن هذا عيد الفراعنة، قلت: ولو سلمنا أنه عيد فرعوني فهل يجوز الاحتفال به؟ وقصده أن الفراعنة هؤلاء قد آمنوا وتركوا الكفر، وأن الفرعنة أيضاً ليست كفراً، يعني: أن فرعون هذا كان مؤمناً، وهناك من يقول: إن فرعون كان مؤمناً، وقد صُنف في ذلك كتاب اسمه: إثبات إيمان فرعون، واستدل بقوله تعالى:{آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرَائِيلَ}[يونس:٩٠].