قال: [وقال أبو هريرة رضي الله عنه: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن) إلى آخر الحديث، وفي نهايته (والتوبة بعد معروضة)] أي: لمن لم يقم عليه الحد؛ لأنكم تعلمون أن مرتكب الكبيرة عند الخوارج مخلد في النار، وعند المعتزلة في منزلة بين المنزلتين لا هو مؤمن ولا هو كافر، فهذا حكمه في الدنيا، وفي الآخرة يكون من المخلدين في النار، وعند المرجئة لا تضره الذنوب كلها، لأن الأعمال صالحها وطالحها لا علاقة لها عند المرجئة بالإيمان، وعندهم أن إيمان جبريل كإيمان أفسق الناس، أو إيمان أفسق الناس كإيمان جبريل وميكائيل، لأنه لا علاقة للعمل بالإيمان، ولا علاقة للإيمان بالعمل وهذا كله خبط عشواء، وكلام فاسد هالك.
وعند أهل السنة والجماعة أن مرتكب الكبيرة مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، وأن المسلمين لا يسلبون عن الفاسق الملي الأخوة الإيمانية، ولو أن واحداً زنى فأنت تبطن عنه ذلك في الباطن، وفي الظاهر تعامله على أنه مسلم، ما دام هذا الرجل من ملة محمد عليه الصلاة والسلام، فهو فاسق بكبيرته التي ارتكبها، ولا نسلب عنه مطلق الإيمان، وإنما نسلب عنه الإيمان المطلق، الذي هو الإيمان الزائد، وهناك فرق بين الإيمان المطلق ومطلق الإيمان، فالإيمان المطلق هو كمال الإيمان وتمامه، فهذه الأحاديث التي ورد فيها الوعيد لمرتكب الكبائر تنفي عنه الإيمان المطلق، أما مطلق الإيمان الذي هو أصله وقاعدته فيتصور نقصانه لا سلبه.