[اقتران طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم بطاعة الله واتباعه بمحبة الله عز وجل]
قال: [قال: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا} [الفتح:١٧].
وقال تعال: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} [النجم:١ - ٥]].
وهذا يدل على أن ما نطق به النبي عليه الصلاة والسلام وحي وإن كانت سنة.
ثم قال: [وقال: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر:٧].
وقال تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ} [التغابن:١٢]].
أي: ليس عليه إلا البلاغ البين الواضح الذي لا خفاء فيه.
ثم قال: [وقال: {فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا * رَسُولًا يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [الطلاق:١٠ - ١١].
في آيات أخرى نظائر لهذه الآيات كلها قد قرن الله عز وجل طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم بطاعته، ووصلها بفريضته، وجعل أمره كأمره، وتعقبها بالوعيد الشديد، والزجر والتهديد لمن حاد عن أمره أو خرج عن طاعته، أو وجد في نفسه حرجاً من قضيته، أو ابتدع في سنته، ولقد دلنا مولانا الكريم سبحانه وتعالى على طريق محبته، وأرشدنا إلى سبيل هدايته، بأقصد المذاهب، وأقرب المسالك، حين أعلمنا أن محبة الله هي في متابعة نبيه صلى الله عليه وسلم، حين قال: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران:٣١]].
يقول الحسن البصري: ما ابتلي الناس بمثل بلائهم بهؤلاء، يعني: هذه الآية أعظم اختبار ومحك لمن ادعى أنه يحب الله، فإن من زعم أنه محب لله لا بد من النظر في متابعته للنبي عليه الصلاة والسلام، فإن كان حقاً متبعاً للنبي صلى الله عليه وسلم فهو صادق في زعمه المحبة، وإن كان تنكب طريق الطاعة والاقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام فهو كاذب في ادعائه المحبة لله عز وجل.
إذاً: قوله: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ) ما هي العلامة؟ (فَاتَّبِعُونِي) أي: اتبعوا النبي عليه الصلاة والسلام، فإذا كان الاتباع والانقياد والذل والخضوع لله عز وجل أحبكم الله عز وجل، وغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.
ثم قال: [فمن اتبع رسوله في سنته أورثه ذلك محبة الله عز وجل بكسبه البصيرة في إيمانه، فيما أحكمه في قلبه ولسانه، وبالمغفرة والرضوان في ميعاده.
وسئل سهل بن عبد الله التستري عن شرائع الإسلام، فقال: قال العلماء في ذلك وأكثروا، ولكن نجمعه كله بكلمتين: {مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر:٧]] فالرجل هنا يسأل عن شرائع الإسلام، ما هي؟ وكيف هي؟ وماذا نفعل؟ وماذا نصنع إلى آخره؟ فقال: تكلم العلماء في شرائع الإسلام بكلام كثير وعرفوه وبينوه، ولكني أجمع كل ما قيل في شرائع الإسلام بكلمتين اثنتين: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر:٧] فبين أن شرائع الإسلام إنما هي في طاعة الرسول عليه الصلاة والسلام.
ثم قال: [ثم نجمعه كله في كلمة واحدة: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء:٨٠] فمن يطع الرسول في سنته فقد أطاع الله في فريضته].