[باب إعلام النبي صلى الله عليه وسلم لأمته ركوب طريق الأمم قبلهم، وتحذيره إياهم ذلك]
إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
صلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
مع درس جديد من كتاب الإبانة لـ ابن بطة، وهو: باب إعلام النبي صلى الله عليه وسلم لأمته ركوب طريق الأمم قبلهم، وتحذيره إياهم ذلك.
في أدلة هذا الباب يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه الأمة -وهي أمة الخير- لابد أنها تنحرف عن سلوك طريق الخير وتركب طريق الشر، وطريق الشر إنما هو في التزام غير هدي النبي عليه الصلاة والسلام، وهو هدي الأمم السابقة وأخلاقها، فالنبي عليه الصلاة والسلام لما أطلعه ربه على أن هذه الأمة لابد أن تنحرف عن المسار الطبيعي الذي خلقت له، حذر أمته من هذا البلاء العظيم، ومن فقدان هويتها؛ لأن لكل أمة هوية، فإذا فقدت أمة من الأمم هويتها فإنها تنسلخ من هديها تماماً وتذوب في بقية المجتمعات، حتى تتشبه ببقية هذه المجتمعات التي تخلقت بأخلاقها، أو سلكت سبلها واستنت بسننها.
ولأجل هذا صرح النبي عليه الصلاة والسلام بخطورة ذلك، وأن ذلك تمييع للشخصية الإسلامية، وبالتالي هو ذوبان للمجتمع المسلم في بقية مجتمعات الكفر والضلال.