للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التحذير من الآرائيين]

إن الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد: قال المصنف رحمه الله تعالى: [عن صالح بن مسلم قال: كنت مع الشعبي فلما حاذينا المسجد قال: لقد بغّض إلي هؤلاء الآرائيون هذا المسجد حتى صار أبغض إلي من كناسة داري.

زاد ابن الصباح -وهو أحد الرواة في الإسناد- قال: وفي المسجد يومئذ قوم رءوس أموالهم الكلام، والجدال، والخصومات، والمماحلات في دين الله عز وجل بغير هدى ولا كتاب منير.

وقال عبدة بن سليمان: نهاني أبو وائل -وهو شقيق بن سلمة الكوفي تلميذ ابن مسعود أن أجالس أصحاب: أرأيت أرأيت]، يعني: الآرائيين.

[ولـ عمر رضي الله عنه قول عظيم جداً فيهم قال: إياكم والآرائيين؛ فإنهم أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها، فقالوا بالرأي فضلوا وأضلوا].

فهناك أمران: إما اتباع وإما ابتداع، فالمتبع دائماً رأس ماله: قال الله، وقال رسوله، وأجمع أهل العلم، فهذا هو رأس مال الأثري أو السني أو المهتدي.

وأما رأس مال المبتدع: قال فلان وقال علان، من غير رجوع إلى سبيل من كتاب ولا سنة ولا إجماع لأهل العلم.

ومن الناس من يقدم الرأي على السنة، وأقصد بالسنة الأثر، والأثر هو الدليل سواء كان في الكتاب، أو السنة، أو الإجماع.

ومن الناس من يعجبه رأيه، ويجعله حاكماً على النصوص، وحاكماً على الأدلة، وهذا في الأساس شيمة أهل البدعة.

[عن الشعبي قال: ما من كلمة أبغض إلي من أرأيت أرأيت].

وربما يحمل هذا القول على الفرض الزمني، يعني: إنسان يسأل سؤالاً ولما يقع بعد؛ ولذلك مر بنا أن كثيراً من السلف كانوا إذا سئلوا في مسألة قالوا: أثم هي؟ يعني: هل وقعت؟ فإن قال السائل: نعم، أجابه فيها، وإلا قال: أجلنا عنها حتى تكون، فإذا كانت أعاننا الله عز وجل عليها.

يعني: لا نجيب عن مسألة لم تقع بعد، وفي هذا كراهة توجيه الأسئلة لما ليس له واقع في حياة الناس، وكثير من الإخوة تجده يسأل الشيخ مثلاً أو المفسر فيقول: ما هو الحل الشرعي في مسألة كذا وكذا؟ فيجيب الشيخ، فيقول: هب أن كذا كان كذا وكذا، فما الحل؟ فيجيب على النحو الثاني، قال: ولكنها كانت كذا وكذا فما الحل؟ ففي مسألة واحدة يطرح الطالب عدة أسئلة، وكل واحد منها لم يكن له علاقة ولا واقع في حياة هذا السائل، وهذا بلا شك كله مخالف لسنة النبي عليه الصلاة والسلام، وأصحابه الكرام، وأئمة الدين.