وقال إمام أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل في الرد على الجهم بن صفوان إمام الجهمية الذي يقول: العمل ليس من الإيمان؛ لأن الإيمان عند الجهم هو عبارة عن المعرفة، فإذا كان يعرف الله تعالى فهو مؤمن كامل الإيمان، ولا علاقة أبداً للعمل بالإيمان، ولذلك الإمام أحمد بن حنبل يقول له: يا جهم! إذا كنت تقول: إن الإيمان هو المعرفة، وأن العمل لا علاقة له بالإيمان، وليس داخلاً في مسماه، فيلزمك أن تقول: لو أن رجلاً أقر بالشهادتين، وشد على وسطه بالزنار، أو سجد للصليب، وأتى الكنائس والبيع وعمل الكبائر كلها، إلا أنه في ذلك مقر بالله، فيلزمه أن يكون مؤمناً؛ لأن كل هذه أعمال، وهو في حقيقة الأمر مقر بأن هذا باطل، قال: وهذه الأشياء من أشنع ما يلزمهم، أي: من أشنع ما يمكن أن يرد به عليهم.
وفي كتاب السنة لـ لخلال كلام كثير ربما نقلناه قبل ذلك، لكن الإمام أحمد بن حنبل قال: من قال هذا فقد كفر بالله، ورد على الله أمره، وعلى الرسول ما جاء به.
وقال الإمام عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل: سألت أبي عن رجل قال لرجل: يا ابن كذا وكذا أنت ومن خلقك، يعني: أنه يسب المخلوق وخالقه، فقال: هذا مرتد عن الإسلام، مع أن هذا قول، إذاً الردة تدخل في القول وإن لم يصحبه استحلال، والردة تدخل في العمل وإن لم يصحبه استحلال كمن سجد للصليب، أو ألقى المصحف في القاذورات، أو شد على وسطه بالزنار، أو دخل الكنائس من باب تأييد أهلها ومودتهم وموالاتهم وغير ذلك، فهذا كله كفر بالله تعالى، قال: فقلت لأبي: تضرب عنقه؟ قال: نعم تضرب عنقه، من باب الردة؛ لأنه قال له: هو مرتد.