قال: [وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لتتبعن سنن بني إسرائيل شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى لو كان الرجل من بني إسرائيل دخل جحر ضب لتبعتموه)].
فبنو إسرائيل كانوا أصحاب حضارة في ذلك الوقت، ودائماً الإنسان يتطلع إلى الحضارة ويظن أنها التقدم، لكن الحضارة الحقة والتقدم المتين هو التمسك بشرع الله وحبل الله، والاعتقاد بكتاب الله وسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام هذا هو التقدم حقاً؛ لأن الغاية من التقدم هي السعادة في الدارين، ولا سعادة إلا في دين الله عز وجل والتمسك به، والاعتصام بحبله المتين.
هب أن واحداً حاز على أعظم التقنيات، ولكنه كان كافراً ومات بعد هذه الاختراعات التي سعد بها غيره، فماذا له عند الله عز وجل يوم القيامة وقد مات على كفره؟ ليس له إلا النار.
فقد شقي في حياته الدنيا ليسعد غيره، أما في الآخرة فليس هو من أهل الجنة، بل هو من المخلدين في نار جهنم.
وأصل التقدم الحضاري والرقي الفكري والاجتماعي أن يؤدي إلى السعادة في الدنيا والآخرة، فأي شيء لا يؤدي إلى هذا الغرض لا يكون تقدماً في حقيقة الأمر، وإنما يراه تقدماً من لا بصر له ولا بصيرة، ويرى أننا متخلفون، ولذلك تجد كثيراً من الكتاب والصحفيين وغيرهم من المفتونين بما عليه أوروبا الآن وأمريكا من تقدم تكنولوجي متعلق بالحياة الدنيا، وسيزول هذا التقدم كله قبل قيام الساعة حتى يرجع الناس إلى الإبل والحمير، وإلى القتال بالعصي والسيوف والنبال، لابد أن تفنى هذه الحضارة، ويرجع العالم كله إلى ما كان عليه وقت بعثة النبي عليه الصلاة والسلام.
إذاً: لا يبقى إلا السعادة الحقة، وهي التمسك بالكتاب والسنة، هذا هو البحث الحقيقي عن مرضاة الله عز وجل.
هذا يذكرني برجل كل همه أن يتزوج امرأة جميلة مهما كانت أخلاقها وسلوكها وديانتها، المهم أن تكون جميلة، وهذا الجمال يوماً ما لابد أنه سيزول، فإذا كان سوء الخلق باقياً وسوء المعتقد باقياً، وكل صفات المرأة باقية فإنه يزول جمالها، وهو الذي كنت تبحث عنه، فإذا كنت من الآن تبحث عن هذا التقدم فاعلم أنه زائل، وسيبقى لك شرار الصفات، وهي التخلق بأخلاق هؤلاء، وبحثك عن تقليدهم في كل كبير وصغير، في النقير والقطمير؛ حتى تذوب في أخلاقهم وفي سلوكهم وفي معتقدهم، وإذا بهم ينسلخون منك ويتبرءون منك يوم القيامة كما يتبرأ الشيطان من أتباعه؛ ولذلك كانت السعادة الحقة في التزام شرع نبينا عليه الصلاة والسلام.