والبدع أخطر من المعاصي بكثير جداً، والشيطان يحبها حباً جماً، ولذلك يجتهد عليك الشيطان في باب الكفر والخروج من الإيمان، وفي الغالب أنه لا يفلح في الردة، فيجتهد عليك في باب البدع ولا يجتهد عليك في باب المعصية، فإن فشل معك في باب البدع فإنه يجتهد آسفاً عليك فيما يتعلق بالمعصية؛ لأن البدعة وسط بين الإيمان والكفر، وأما الذنب فليس كفراً فهو في المرتبة الثالثة.
ولذلك تجد صاحب البدعة يبتدع وهو يزعم أنه يتقرب إلى الله، وأما صاحب الذنب فلا يمكن أن يزعم ذلك، فلو سألت شخصاً يشرب الخمر وتقول له: أنت تشرب الخمر لماذا؟ فسيقول: هذه معصية، وربنا يتوب علي وادع لي، لكن لو ذهبت إلى شخص يطوف حول قبر الحسين، وقلت له: هذا شرك، لماذا تعمل هذا؟ يقول لك: لا تتكلم، هؤلاء أولياء الله عز وجل، سوف يحصل لك ويأتي إليك ويعمل فيك! فأصحاب البدع دينهم الكذب على الله وعلى رسوله، فصاحب البدعة يبتدع وهو يعتقد أنه يتقرب من الله عز وجل، ولذلك تجده متمسكاً جداً ببدعته ومجاهراً بالبدعة؛ لأنها في نظره دين.
لكن صاحب المعصية يعصي الله، وإذا ناقشته أو اطلعت عليه في حال معصيته خزى واستحى، ووضع وجهه في الأرض؛ لأنه يعلم أنه على معصية، فالشيطان يهتم دائماً أن يجتهد عليك في باب البدعة.