للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مشيئة الله تعالى غالبة في نصوص القرآن]

قال: [وقال عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [إبراهيم:٤] فهذا هو الشاهد: {فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [إبراهيم:٤]، إذاً الهداية والضلال بيد الله، وبمشيئة الله العزيز الحكيم.

قال: [وقال عز وجل: {وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة:٢١٣]]، لو شاء الله عز وجل يا أخي الكريم! ألا يجلسك في هذا المجلس ما جلست، ولجعلك في أهل الشقوة والتعاسة، ولو شاء الله عز وجل الآن أن يجعلنا جميعاً كفاراً لما قمنا من مقامنا إلا ونحن كفار عياذاً بالله، ولو شاء الله أن تعالى أن يأتي بالكفار الآن فيدخلهم علينا أفواجاً وجماعات لفعل سبحانه وتعالى، {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء:٢٣].

فهذه باختصار عقيدة السلف في الإيمان بالقدر كما قال عليه الصلاة والسلام: (لا يؤمن أحدكم حتى يؤمن بالقدر)، وهو سر الله تعالى المكتوم الذي يحرم على المسلم أن يماحل وأن يجادل فيه.

قال: [قال الله تعالى: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص:٥٦] أي: يا محمد! لا يمكن أن يهتدي على يديك أحد مهما حاولت إلا أن يشاء الله ذلك، والنبي عليه الصلاة والسلام كان أحب شيء له أن يهتدي أبوه، وعبد المطلب، وأبو طالب، أهله وأقرب الناس إليه، لكن الله تعالى أراد غير ذلك، فما تم لمحمد عليه الصلاة والسلام ما أحب؛ لأن مشيئة الله تعالى أنهم من أهل الشقاء، ولذلك قال: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القصص:٥٦]، أي: وقد سبق في علمه الأزلي من يهتدي.

قال: [وقال عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ * إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ} [فاطر:٢٢ - ٢٣] أي: يا محمد مهمتك: النذارة والبشارة، {نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ} [الأعراف:١٨٨] فقط لا غير، نذير من النار، وبشير بالجنة.

قال: [وقال عز وجل: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ} [الشورى:٨].

وقال عز وجل: {وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} [المدثر:٥٦].

وقال عز وجل حين دعا إلى الجنة وشوق إليها، وحذر من النار وخوف منها: {إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا} [المزمل:١٩](فمن شاء) أثبت لك مشيئة، وأثبت لك إرادة، لكن مشيئتك وإرادتك داخلة تحت مشيئة الله، بمعنى: ألا تشاء شيئاً إلا أن يشاءه الله، ولا تريد شيئاً إلا أن يريده الله عز وجل، ولذلك رد الله تعالى مشيئة الخلق إلى نفسه وإلى مشيئته فقال: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا * يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ} [الإنسان:٣٠ - ٣١] أي: المرء لا يستطيع أن يدخل نفسه في رحمة الله إلا أن يشاء الله تعالى ذلك، {يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [الإنسان:٣١]، ثم قال: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير:٢٨ - ٢٩].