للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَرَاهَا إِلا أَخَذَتْ بِنَفْسِهِ، فَبَيَّنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدِي إِذْ دَخَلَتْ عَلَيْهِ جويرية، فسألته في كتابتها فو الله مَا هُوَ إِلا أَنْ رَأَيْتُهَا، فَكَرِهْتُ دُخُولَهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَرِفْتُ أَنَّهُ سَيَرَى مِنْهَا مِثْلَ الَّذِي رَأَيْتُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا جُوَيْرِيَّةُ بِنْتُ الْحَارِثِ سَيِّدِ قَوْمِهِ، وَقَدْ أَصَابَنِي مِنَ الأَمْرِ مَا قَدْ عَلَمِتَ، فَوَقَعْتُ فِي سَهْمِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ، فَكَاتَبَنِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ فَأَعِنِّي فِي فِكَاكِي، فَقَالَ: «أَوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ» قَالَتْ: مَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «أُودِي عَنْكِ كِتَابَتَكِ وَأَتَزَوَّجُكِ» قَالَتْ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: / «قَدْ فَعَلْتُ» وَخَرَجَ الْخَبَرُ إِلَى النَّاسِ فَقَالُوا: أَصْهَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْتَرَقُّونَ، فَأَعْتَقُوا مَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ نِسَاءِ الْمُصْطَلِقِ، فَبَلَغَ عِتْقُهُمْ إِلَى مِائَةِ بَيْتٍ بِتَزْوِيجِهِ إِيَّاهَا، فَلا أَعْلَمُ امْرَأَةً أَعْظَمَ بَرَكَةً عَلَى قَوْمِهَا مِنْهَا [١]

. [نزول آية التيمم]

وفي هذه الغزاة: سقط عقد عائشة رضي الله عنها فنزلت آية التيمم.

أَنْبَأَنَا زَاهِرٌ، وَأَخْبَرَنَا عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنا أَبُو سَعِيدِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحِيرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ السَّرَخْسِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن عبد العزيز، حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:

خَرَجْنَا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ وَبِذَاتِ الْجَيْشِ، انْقَطَعَ عِقْدِي، فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلى الْتِمَاسِهِ، وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَجَاءَ أَبُو بكر وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِي قَدْ نَامَ، فَقَالَ: حَبَسْتِ رسول الله والناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء، فَعَاتَبَنِي أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، وَجَعَلَ يَطْعَنُ فِي خَاصِرَتِي فَلا يَمْنَعُنِي مِنَ التَّحَرُّكِ إِلا مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَخِذِي فَنَامَ رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ آيَةَ التَّيَمُّمِ، فَتَيَمَّمُوا.

فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، وَهُوَ أَحَدُ النُّقَبَاءِ: مَا هَذَا بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ بَكْرٍ، قَالَتْ:

فَبَعَثْنَا الْبَعِيرَ الّذي كنت عليه فوجدنا العقد تحته.


[١] الخبر في طبقات ابن سعد ٨/ ٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>