وذكر الصولي عن الهيثم بن عدي، قال: كان المنصور يبخل إلا في الطيب، فإنه كان يأمر أهله به، فكان يشتري في رأس كل سنة اثني عشر ألف مثقال من سائره، فيتطيب كل شهر بألف مثقال يخضب به رأسه ولحيته.
وقال يحيى بن سليم كاتب الفضل بن الربيع: ولم ير في دار المنصور لهو قط ولا شيء يشبة اللعب والعبث.
وقال حماد التركي: كنت واقفا على رأس المنصور فسمع جلبة في الدار، فقال:
ما هذا يا حماد انظر؟ فذهبت فإذا خادم له قد حبس حوله الجواري وهو يضرب لهن الطنبور وهن يضحكن، فجئت فأخبرته، فقال: وأي شيء الطنبور؟ فقلت: خشبة من حالها وصفتها، فقال: فما يدريك أنت ما الطنبور، قلت: رأيته بخراسان، فقال: هات نعلي، فأتيته بها، فقام يمشي رويدا حتى أشرف عليهم، فلما بصروا به تفرقوا [١] ، فقال: خذه، فأخذته، فقال: اضرب به رأسه، فلم أزل أضرب به رأسه حتى كسرته، ثم قال: أخرجه من قصري واذهب به إلى حمران بالكرخ، وقل له يبيعه.
وقال سالم الأبرش: كان المنصور من أحسن الناس، فإذا لبس ثيابه تغير لونه، وتربد وجهه فاحمرت عيناه ويكون منه ما يكون، فإذا قام من مجلسه رجع بمثل ذلك.
وقال يوما: يا بني إذا رأيتموني قد لبست ثيابي ورجعت من مجلسي فلا يدنون أحد منكم مني لئلا أغره بشر.
[ذكر طرف من كلامه]
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا محمد بن الحسين الجازري، قال:
حدثنا المعافى بن زكريا، قال: حدثنا محمد بن أبي الأزهر، قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مبارك الطبري، قال: سمعت أبا عبيد الله يقول: سمعت المنصور يقول:
الخليفة لا يصلحه إلا التقوى، والسلطان لا يصلحه إلا الطاعة، والرعية لا
[١] في الأصل: «فلما بصرن به تفرقن» . وأما أوردناه من ت.