للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَعِينٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بن فضالة، عن ليث، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:

لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ حَاصَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ حَيْصَةً وَقَالُوا: قُتِلَ مُحَمَّدٌ حَتَّى كَبَّرَتِ الصَّوَارِخُ فِي نَوَاحِي الْمَدِينَةِ، فَخَرَجَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَاسْتُقْبِلَتْ بِأَخِيهَا وَأَبِيهَا وَزَوْجِهَا، لا أَدْرِي بِأَيِّهِمُ اسْتُقْبِلَتْ أَوَّلا، فَلَمَّا مَرَّتْ عَلَى آخِرِهِمْ قَالَتْ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا:

أَخُوكِ وَأَبُوكِ وَزَوْجُكِ وَابْنُكِ، قَالَتْ: فَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُونَ: أَمَامَكِ، حَتَّى ذَهَبَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَتْ بِنَاحِيَةِ ثَوْبِهِ، ثُمَّ قَالَتْ: بأبي أنت وأمي يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أُبَالِي إِذْ سَلِمْتَ مِنْ عَطْبٍ.

قَالَ مُؤَلِّفُ الْكِتَابِ: وَلَمَّا انْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَهْلِهِ نَاوَلَ سَيْفَهُ فَاطِمَةَ، فَقَالَ:

«اغْسِلِي عَنْ هَذَا دَمَهُ يَا بُنَيَّةٌ»

. [غزوة حمراء الأسد] [١]

وفي هذه السنة: كان غزاة حمراء الأسد.

وذلك أن رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وسلم رجع إلى المدينة يوم السبت يوم الوقعة، فلما كان الغد وهو يوم الأحد لست عشرة ليلة خلت من شوال أذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس بطلب العدو، وأذن مؤذنه أن لا يخرج معنا إلا من حضر يومنا بالأمس، وبات المسلمون يداوون جراحاتهم، فكلمه جابر بن عبد الله، فقال: يا رسول الله: إن أبي كان خلفني على أخوات لي، فاذن لي بالخروج معك ولم يخرج معه ممن لم يشهد القتال غيره.

وإنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مرهبا للعدو ليبلغهم أنه قد خرج في طلبهم ليظنوا به قوة وإن الذي أصابهم لم يوهنهم عن عدوهم، فخرج حتى انتهى إلى حمراء الأسد، ودفع لواءه وهو معقود لم يحل إلى علي بن أبي طالب، وقيل:

إلى أبي بكر رضي الله عنهما، واستخلف عَلَى المدينة عبد الله بن أم مكتوم، وخرج


[١] المغازي للواقدي ١/ ٣٣٤، وطبقات ابن سعد ٢/ ١/ ٣٤، وتاريخ الطبري ٢/ ٥٣٤، والكامل ٢/ ٥٧، والاكتفاء ٢/ ١١٢، والبداية والنهاية ٤/ ٤٨، وسيرة ابن هشام ٣/ ٤٤، ودلائل النبوة ٣٠/ ٣١٢، وابن حزم ١٧٥، وعيون الأثر ٢/ ٥٢، والنويري ١٧/ ١٢٦، والسيرة الحلبية ٢/ ٣٣٦، والسيرة الشامية ٤/ ٤٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>