للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الّذي تهريقون [١] فيه الدماء، وإني قد أولت رؤياي هذه أني أرى ولدي سيكون صاحب دماء يهريقها، وإني أرى أمره سيعلو ويعظم.

[وفي هذه السنة خرج مطرف بن المغيرة بن شعبة على الحجاج، وخلع عبد الملك بن مروان، ولحق بالجبل فقتل [٢] .]

وسبب ذلك أن الحجاج ولى أولاد المغيرة فاستعمل عروة بن المغيرة على الكوفة، ومطرف على المدائن، وحمزة على همدان. وأقبل شبيب الخارجي إلى المدائن، فكتب مطرف إلى الحجاج بخبره، فأمده بالرجال، فلما نزل شبيب بهرسير قطع مطرف الجسر فيما بينه وبينه، وبعث إلى شبيب: ابعث رجالا من صلحاء أصحابك أدارسهم القرآن فأنظر ما تدعون إليه، فبعث إليه: ابعث إلي رجالا يكونون عندي حتى ترد أصحابي، فقال له: كيف آمنك على أصحابي، وأنت لا تأمنني على أصحابك؟

فقال: إنك قد علمت أننا لا نستحل في ديننا الغدر وأنتم تفعلونه، فبعث إليهم رجالا وبعثوا إليه رجالا، فقال لأصحابهم: إلى ما تدعون؟ فقالوا: إلى كتاب الله وسنة نبيه، والذي نقمنا على قومنا الاستئثار بالفيء، وتعطيل الحدود، والتسلط بالجبرية، وما زالوا يترددون إليه حتى وقع في نفسه خلع عبد الملك والحجاج، فقيل له: إن هذا الخبر يبلغ القوم فلا تقم في مقامك، فخرج وجمع رءوس أصحابه وقال لهم: إني أشهدكم أني قد خلعت عبد الملك والحجاج فمن أحب فليصحبني ومن أبى فليذهب حيث شاء، فإني لا أحب أن يتبعني من ليست/ له نية في جهاد أهل الجور.

ثم بايعه أصحابه، ثم بعث إلى أخيه حمزة: أمددني بما قدرت عليه من مال أو سلاح، فقال للرسول: ثكلتك أمك، أنت قتلت مطرفا؟ فقال: لا، ولكن مطرفا قتل نفسه وقتلني، وليته [٣] لا يقتلك، قال: ويحك، من سول له هذا الأمر؟ قال: نفسه.

ثم قوي أمر مطرف، فأخبر الحجاج، فبعث الجيوش لقتاله، وبعث إلى أخيه


[١] في الأصل: «تفور» وما أوردناه من الله والطبري.
[٢] تاريخ الطبري ٦/ ٢٨٤.
[٣] في الأصل: «فليته» وما أوردناه من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>