للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثم دخلت سنة ست وثلاثين ومائة]

فمن الحوادث فيها قدوم أبي مسلم العراق [١] على أبي العباس أمير المؤمنين، وذلك أنه كتب إليه يستأذنه في القدوم، فأذن له، فقدم في جماعة عظيمة، فأمر أبو العباس الناس بالتلقي له [٢] ، فلما دخل عليه أعظمه وأكرمه، فاستأذنه في الحج، فقال: لولا أن أبا جعفر يحج لاستعملناك على الحج والموسم، وأنزله قريبا منه، وكان يأتيه في كل يوم يسلم عليه، وكان بين أبي جعفر، وبين أبي مسلم تباعد.

وكان السبب في ذلك أن أبا العباس بعث أبا جعفر إلى أبي مسلم وهو بنيسابور وقد صفت له الأمور بعهده على خراسان، وبالبيعة لأبي العباس ولأبي جعفر من بعد موته، فبايع له، وكان في مدة مقامه عنده يهون أمره، ويستخف بشأنه، فلما قدم أبو جعفر أخبر أبا العباس باستخفافه به، وقال له: أطعني واقتل أبا مسلم، فو الله إن في رأسه لغدرة، فقال: يا أخي قد عرفت بلاءه وما كان منه، فقال: إنما كان بدولتنا، والله لو بعثت سنورا لقام مقامه، فقال: وكيف نقتله؟ قال: إذا دخل عليك وحادثته دخلت إليه فتغفلته وضربته ضربة أتيت بها على نفسه، قال: وكيف بأصحابه الذين يؤثرونه على دينهم ودنياهم؟ قال: يؤول ذلك كله إلى ما تريد، ولو علموا أنه قتل تفرقوا وذلوا، قال:

عزمت عليك ألا كففت عن هذا، قال: والله أخاف إن لم تتغده اليوم أن يتعشاك غدا،


[١] تاريخ الطبري ٧/ ٤٦٨.
[٢] كذا في الأصل، وفي ت والطبري: «يتلقونه» .

<<  <  ج: ص:  >  >>